أهداف التربية

أهداف التربية
إن التربية عملية فردية اجتماعية تتعامل مع فرد في مجتمع تنقل إليه معارف ومهارات ومعتقدات ولغة الجماعة من جيل إلي جيل والإنسان هو موضوع التربية تعني بسلوكه وتطويره ولكن ليس بمعزل عن الجماعة لأن الذات الإنسانية لا تتكون إلا في مجتمع إنساني وبقدر ما يتوافر للتربية من وضوح وعمق في المفاهيم والأسس التي تستند إليها تكون قوتها وفعلها في حياة الأمم والشعوب وفي اتجاهات الأفراد وفي العلاقات المختلفة وفي مجالات العمل المتعددة ونظرا لهذه الأهمية للتربية باعتبارها مسألة حيوية لازمة وضرورة اجتماعية فلقد زاد اهتمام الناس بها واشتدت الحاجة إلي دراستها والتعرف علي أبعادها ومن ثم كان ضروريا بالنسبة لدارس التربية وممارسها في المستقبل أن يتعرف علي طبيعة هذه العملية ماهيتها وجوانبها المختلفة وضرورتها .
يمكن القول أن هدف التربية الأساسي هو أنسنة الإنسان أي جعله مخلوقا إنسانيا يعيش في مجتمع ضمن إطار اجتماعي يحتوي علي تقاليد ونظم وقيم ومعايير وأفكار خاصة به .
والعملية التربوية تكسب الفرد حضارة الماضي وتمكنه من المشاركة في ممارسة حضارة الحاضر وتهيئة للتطوير وإضافة واختراع وتقدم حضارة المستقبل
إنها عملية تسهم وتشارك وتدفع عجلة الزمن للبقاء إنها تحصيل فرد في تراث الجماعة وتراث جماعة ينتقل بواسطة فرد .
فالتربية وسيلة وهدف طريقة وغاية تبدأ مع بدأ الحياة ولا تنتهي رغم نهاية حياة               الأفراد لأنها اجتماعية تخص المجتمع كما تخص كل فرد فيه هي راية تسلمها الجيل الحاضر من الجيل الماضي وسيسلمها الجيل الحالي إلي الأجيال القادمة هي عملية اجتماعية رغم كونها من العلوم التطبيقية فهي جهد اجتماعي يمارس في المجتمع ويطبق علي مر الأجيال  .
إن وظيفة التربية تكون أساسا في نقل التراث من جيل وفي اكتساب الخبرات المتزايدة كأساس للنمو وتعديل النظم الاجتماعية المختلفة وتطويرها كما تعمل التربية علي تزويد أفراد المجتمع بالمواقف التي تنمي التفكير لديهم .
والتربية هي مؤسسة الثقافة التي عن طريقها يمكن تغيير عقول الأفراد وتجديدها.
أسس التربية
إن اعتبار التفاعل بين القوى الاجتماعية حقيقة المجتمع والثقافة نتاج هذا التفاعل يعني ارتكاز كل منهما علي حقيقة أخرى هي وجود قوة يملكها الأفراد بحكم وجودهم الاجتماعي والثقافي تحقق لهم استمرار هذا التفاعل وتضمن لهم كذلك الإفادة من هذا النتاج بعد تمثلهم له واستيعابهم لعناصره في دفع أسباب حياتهم الثقافية والاجتماعية .
وهذه القوة هي التربية التي إن دلت علي شيء فإنها تدل على :
أولا. علي استعداد الفرد اللامتناهي للتغير والتشكل.
ثانيا :علي قدرته في أن يغير هو نفسه بما تغير به في أسلوب حياته وأساليب حياة مجتمعه وأنماط ثقافته  .
ثالثا: علي تشخيص المحيط الثقافي الذي ينتمي إليه وتبين ما فيه من عناصر قوة وضعف والتمييز بينها وتوجيهها وصولا إلي مستوى أفضل لهذا المحيط بمستوياته المختلفة المتعددة
رابعا :علي مدى ما يبذله من إيجابية في النهوض بمستوى عمليات التفاعل والاتصال بينه وبين الآخرين في الدوائر الاجتماعية المختلفة التي يمارس فيها أدواره باعتباره عضوا في جماعات مختلفة ينظمها مجتمعه .وهذه القوة بهذا المعنى لا توجد بدايتها ولا تستمر من تلقاء نفسها إذ توجد بوجود الأفراد في جماعاتهم الإنسانية وبفعل نشاطهم وممارستهم لأساليب العمل والتفكير في سياق عمليات التفاعل المتصلة التي يعيشون فيها وبواسطتها إذ أن فعل التربية بهذا المعنى الثقافي العام لا تنفرد به مؤسسة واحدة من مؤسسات المجتمع ذلك أن عملية التنشئة الاجتماعية والتطبيع الاجتماعي التي تعتبر التربية قرينة لها لا تقتصر علي مؤسسة بعينها أو علي موقف واحد من مواقف الحياة بل إنها عملية موصولة تشارك فيها جميع الدوائر الاجتماعية التي تتمثل في وسائط الثقافة كالأسرة والمسجد أو الكنيسة وجماعة الرفاق والزملاء والمدرسة والهيئات والروابط الاجتماعية وما يستحدثه أفراد المجتمع من وسائل اتصال وتجمع كالأندية والتنظيمات الاقتصادية والسياسية والصحافة والإذاعة والسينما والمسرح والتليفزيون . ومن هنا تبرز لنا بعض الأسس التي لابد من الوعي بها واعتبارها إطارا تعمل فيه التربية .
أولا إن التربية عملية اجتماعية ثقافية تشتق ضرورتها من ضرورة الوجود الاجتماعي للأفراد ومن كونهم حملة الثقافة .
ثانيا –   إن الثقافة بكل وسائطها تعتبر الوعاء التربوي العام حيث تحدث عملية التنشئة الاجتماعية للأفراد بما تؤدي إليه من اكتسابهم أنماط سلوكية تحدد علاقاتهم وتعبر عن نفسها فيما يقومون به  من أدوار اجتماعية .
ثالثا إن المدرسة وهي المؤسسة التربوية المتخصصة تعتبر واحدة من بين مؤسسات اجتماعية مختلفة لا بد من التنسيق بينها لتوجيه مؤثراتها وتحويلها إلي مؤثرات تربوية في حياة الأفراد يتوافر فيها الوعي والهادفية والتخطيط .
رابعا-إن دور التربية في عمليات التغير مسئولية مشتركة بين المدرسة وغيرها من المؤسسات الاجتماعية حتى تقوم التربية بالفعل بهذا الدور وهو تيسير التغير ودفعه والمزيد منه في آن واحد .
ركائز التربية
إن التربية تدور حول الإنسان  وحول مكانه من الحضارة التي يعيشها ويصنعها مجتمعه وهذا يعطي للتربية ركائز تستمد منها وظائفها وأهدافها :
-الرصيد الثقافي  يعتبر مصدرا أساسيا للتربية تستمد منه مادتها وبعض تصوراتها ومقاييسها ومن هنا فإن عمليات الاستيعاب والحفظ والاسترجاع تعتبر من العمليات التعليمية الهامة لأنها تنمي عند الإنسان هذه القدرات التي ميزته عن غيره من الكائنات الحية والتي مكنته من صنع التاريخ والثقافة والمحافظة عليهما وتطورهما والاستمرار بهما وعن طريقها .
والحاضر الذي يعيشه الإنسان يعتبر مصدرا ثانيا ، تستمد منه التربية أيضا أهدافها ومادتها ومقاييسها . فمشكلات هذا الحاضر وقضاياه وتحدياته هي التي تشكل التربية وتكون المطالب الملقاة عليها والإنسان لا يستطيع أن يواكب كل هذا إلا بالنقد والتحليل والاستقراء ومن هنا يصبح التفكير عملية أساسية للتربية من أجل تحقيق وظيفتها والتفكير هنا يعني إدراك العلاقة بين الحاضر بمشكلاته وقضاياه وتحدياته – وبين الماضي الذي يعتبر سببا له .والمستقبل الذي يتطلع إليه الإنسان في مجتمعه يعتبر مصدرا ثالثا تستمد منه التربية توجيهاتها وأهدافها وتصوراتها فإذا كان الماضي يغذي الحاضر فإن الحاضر لابد أنه يغذي المستقبل  بل أن تصوراتنا عن هذا المستقبل تغذي الحاضر وهكذا والتربية بطبيعتها عملية مستقبلية كما أنها عملية ثقافية اجتماعية ومن هنا فإن تنمية التصور والتخيل  والقدرة علي الخلق والإبداع تعتبر من وظائف التربية لأن كل هذه القدرات هي سبيل الإنسان إلي صنع مستقبله والتنبؤ به .
ضرورة التربية
التربية عملية ضرورية للإنسان الفرد كما هي ضرورية للجماعة ولكل الكائنات الحية فكل الكائنات الحية تسعى إلي تخليد جنسها وذلك بالتناسل ومن ثم الاحتفاظ بالنسل وحمايته أما الإنسان فتربيته تتم عن طريق تدريب الصغار علي طرق المعيشة أو العيش المناسب لكي يتمكنوا من الحفاظ علي أنفسهم ولكن ليس من السهولة بما كان المحافظة علي هدف الحياة بدون توجيه ونصح ممن هم أكثر خبرة وأكبر سنا فالطفل كما يرى بعض علماء النفس يولد وهو مزود بالقدرة علي سلوك خاص أو علي نوع من السلوك ثم تأتي حاجته للتكيف مع المجتمع وهنا يحتاج لمن يأخذ بيده ويرشده لمعرفة حاجات ذلك المجتمع ليستطيع العيش فيه وهنا تأتي ضرورة التكيف مع البيئة من حوله ( البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية معا لأن لهما أكبر الأثر علي حياة الفرد ولا يمكن الفرار منهما أو التهرب من مطالباتهما وبما أن لكل مجتمع متطلباته الخاصة فيجب علي الأفراد بالتالي أن يخضعوا لتلك المتطلبات إذا ما أرادوا العيش في ذلك المجتمع وقد عرفنا أن التربية عملية مستمرة دائمة بل عملية نمو دائم للإنسان فهي بالتالي عملية تحتاج إلي وقت طويل لأن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يتمتع بمراحل نمو طويلة وبطيئة في نفس الوقت وبما أن عملية التربية تستمر فترة طويلة فهي بالتالي تتأثر كثيرا بالخبرات الفردية وكلما ارتقى الإنسان وكلما تقدمت وسائل الحضارة لدية كلما احتاج للتربية وذلك لاحتياجه لعملية التكيف مع البيئة الجديدة لهذا فحاجتنا للتربية تزداد يوما بعد يوم والتربية عملية واعية وليست عشوائية فهي عملية هادفة لها أهداف ونظم وقواعد ولكنها تختلف باختلاف المجتمعات علي أن ضرورة التربية للإنسان تتضح في الأمور التالية التربية ضرورية للإنسان للمحافظة علي جنسه وتقدمه وذلك لتوجيه غرائز الإنسان من عواطف وميول لكي تخدم المجتمع للحياة الأفضل .
1-التربية ضرورية لتقدم بني البشر ورقيهم رقيا مستمرا وإن طول مدة الطفولة تساعد الإنسان علي التربي والترقي .
2-التربية ضرورية لكي يواجه بها الإنسان متطلبات الحياة وما يحدث من تنافس بين الأفراد  وذلك من أجل العيش عيشة سعيدة في مجتمعه .
3-التربية ضرورية للأمة كما هي ضرورية للفرد فهناك تنافس للأمم كما هو قائم بين الأفراد فكل أمة تريد الأخذ بأسباب الرقي والتقدم حتى تساير ركب الحضارة وتنافس غيرها من الأمم في مختلف الميادين ثم إن ضرورة التربية للأفراد تضاهيها ضرورتها للمجتمعات فهي إذن ضرورة فردية من جهة وضرورة اجتماعية من جهة أخرى .
أهمية التربية

1-التربية وسيلة اتصال وتنمية للأفراد : إن بقاء المجتمع لا يعتمد فقط علي نقل نمط الحياة عن طريق اتصال الكبار بالصغار أيا كان نوع هذا الاتصال ولكن بقاء المجتمع يتم بالاتصال الذي يؤكد المشاركة في المفاهيم والتشابه في المشاعر للحصول علي الاستجابات المتوقعة من أفراد المجتمع في المواقف .
2-التربية تعمل علي استمرار ثقافة المجتمع وتجديدها ونقل التراث الثقافي : وبهذا المعنى تحتل التربية مكانها البارز في ثقافة المجتمع فهي السبيل مهما كانت صورتها ومنظماتها إلي تشكيل الأفراد وتحقيق الاستمرار بين الأجيال المختلفة وفي حياة المجتمع بصفة عامة فلابد لكل جيل أن يدرك إلي أين وصل أسلافه حتى يبدأ سيره من حيث قطعت عليهم آجالهم المسير تنتقل وتستمر عن طريق التفاعل والتنشئة والتربية .
3-تكون الاتجاهات السلوكية : هذا وهناك وظائف اجتماعية أخرى كثيرة للتربية تتحقق من خلال عمل البيئة الاجتماعية ذلك أن الطريقة الوحيدة التي يسيطر بها الكبار علي تربية الصغار إنما تحدث بالسيطرة علي البيئة التي يعملون فيها ويفكرون ويشعرون
إن الأثر التربوي للبيئة الاجتماعية ينعكس في تكون شخصية الفرد واتجاهاته العقلية العاطفية  وفي تحديد أنماطه السلوكية وإن البيئة تتطلب من الأفراد استجابات معينة في مواقف معينة فالوسط الخاص الذي يعيش فيه الفرد يقوده لرؤية أشياء أكثر من غيرها ولاتخاذ أسلوب معين في العمل بنجاح مع الآخرين وهكذا يكتسب الفرد من هذا الوسط اتجاها سلوكيا يظهر في نشاطه وتفاعله مع أهل بيئته .
وتتكون الاتجاهات السلوكية في البيئة بواسطة تشكيل العادات الدافعة للطفل وتثبيتها وبتعديل دوافعه الأصلية علي تعديل مبدأ اللذة والألم .
4-دور البيئة في تزويد الفرد بالمواقف والمثيرات التي يستجيب لها وفق نمط الاستجابة البيئية .
5-تكون البيئة عملية تعلم لأنماط سلوكية موجودة في البيئة لوجود مثيراتها كما أن الأنماط تختلف من بيئة لأخرى تبعا لاختلاف المثيرات واختلاف الاستجابات المترتبة عليها .
6-تحقيق النمو الشامل واكتساب الخبرة : تهيئ التربية الوسائل المختلفة لتحقيق إمكانيات النمو للطفل عقليا واجتماعيا وجسما نيا والبيئة هي الوسط التربوي لذلك فالطفل يعتمد علي الكبار في إكسابه الخبرة اللازمة لتكيفه وتفاعله مع الآخرين وتكتسب هذه الخبرة بتكوين العادات الإيجابية التي يسيطر بها الطفل علي بيئته ويستخدمها في تحقيق أهدافه .
7-اكتساب اللغة : يتضح أثر البيئة في تعليم اللغة وتحصيل المعرفة فالطفل يتعلم اللغة وأساليب الكلام ممن يختلط بهم في مراحل نموه الأولى وتكون اللغة والمعرفة عندئذ في أبسط صورهما فالطفل عند سماعه للصوت فإنه غالبا ما يسمعه مصاحبا أو مرتبطا بشيء محسوس 8-التربية تعمل علي تحقيق الديموقراطية : وللتربية في عالمنا المعاصر المكانة الأولى في تحقيق آمال الشعوب في حياة تستند إلي الحرية والعدالة وحكم القانون فهذه المفاهيم وما يرتبط بها من ممارسات لا تولد مع الأفراد وإنما يكتسبونها بالتعليم والممارسة والتطبيق ولهذا طالب أصحاب التربية المحدثون بأن تكون المدرسة مكانا يتهيأ فيه الناشئون لأساليب الحياة الديموقراطية فيفهمون مبادئ هذه الحياة ويمارسونها في خبرات تربوية منظمة فالديموقراطية تستمر من تلقاء نفسها ولا تستقيم بإطلاق حرية الأفراد وإنما هي قيم وعلاقات وأساليب تفكير وقواعد وضوابط يجمع الفرد بمقتضاها بين حريته ومسئوليته وبين حقه في النمو وواجبة نحو الجماعة وبين التفكير وكل هذا يتطلب نوعا من التربية يمكنه من ممارسة الحرية علي أساس من العلم ويتيح الفرصة أمام كل الناس مع الكشف عن الامتياز والتفوق بينهم وهكذا .
9-التربية تعمل علي تذويب الفوارق بين الطبقات : ذلك  لأن انتشار المعرفة وذيوع العلم ينحو إلي إضعاف الميزات الصناعية التي تفرق بين الناس ويدعو إلي حسن التفاهم والتعاون بين هذه الطبقات وبذلك تكون التربية هي الدعامة الأساسية في تحقيق أي تحول اجتماعي  يهدف إلي إذابة الفوارق بين الطبقات وجعل الامتياز في المهارة والعمل لا الثروة أو النسب أو الأصل هو أساس الحكم علي الأفراد .ومن هنا ارتبطت التربية في عالمنا المعاصر بالفلسفات الاجتماعية حيث أن أية فلسفة لا يمكن أن تتحقق بالقانون وحده أو بإجراءات وتنظيمات إدارية دون أن تستند إلي فكرة وسلوك يعبر عنه الأفراد في تفاعلاتهم وعلاقاتهم وفي داخل أنظمتهم ودوائر نشاطهم .
10-اكتساب القيم الخلقية والجمالية وتذوقها : لقد عرفنا أن للبيئة تأثيرها اللاشعوري في اكتساب عادات اللغة وأساليب الكلام من خلال نشاط الصغار وتفاعلهم مع الكبار كما أن هذا التفاعل يترك أثاره العميقة في اكتسابهم  القيم والاتجاهات والعادات الخلقية .

11-تحقق التطور وتشكل المستقبل : تعتبر التربية دائما عاملا من عوامل التطور دافعا إلي التبديل والتقديم .والتربية هي تشكل الفرد والثقافة وتقوم بدورها في المجالات السياسة والاقتصادية والاجتماعية ترتبط بالمستقبل وتؤثر فيه بل يمكن القول أنها صانعة المستقبل فالأطفال الذين يولدون اليوم سيعلمون في المجتمع بعد عقدين من الزمان فإن كان المجتمع د تغير إلي درجة كبيرة خلال السنوات العشر الماضية وحتى الآن وإن كان التغيير الحاصل يقع بسرعة متزايدة فإن شكل المجتمع وبنيته وأفكاره وأحداثه في بداية الألفية الثالثة لابد أن تختلف اختلافا جوهريا عنها الآن ومعنى هذا أن المدارس تعد أطفال اليوم لمجتمع يختلف تماما عن المجتمع الحاضر وتصنع المجتمع بصناعة اتجاهات الأطفال والشباب وتكون قيمهم وتشكيل أفكارهم وبالتالي فإنها تقرر مستقبل الثقافة ونوعية الحياة فالتعليم بطبيعته وبدوره في الثقافة يعتبر في جوهره مستقبلي ومهما اختلفت الآراء أو الفلسفات حول طبيعة الإنسان الذي هو موضوع التربية فإن أثر التعليم يتضمن المستقبل دائما مهما كانت صورة هذا المستقبل ونوعيته فهو إلي أحسن وأفضل ما دام التعليم يهدف إلي الأحسن والأرقى وهو ينحو إلي الجمود والثبات ما دام التعليم تتحكم فيه التقاليد والعمليات الآلية . فالعلاقة عضوية متبادلة بين التعليم والمستقبل أي أن التعليم بلغة البحث العلمي عامل مستقل وعامل تابع في نفس الوقت ولهذا تظهر الفروق بين تعليم يقوم عي وعي بأهمية المستقبل وبنوعيته وتعليم يدور حول نفسه دون وضوح فكري بشأن دوره في تقرير سلوك الأفراد  وحياة المجتمع فالتعليم للمستقبل يعني ضرورة وجود فلسفة واضحة تحرك التعليم من داخله كما تحرك العلاقات بينه وبين قطاعات العمل المختلفة ثم أن وجود هذه الفلسفة يعني ضرورة الأخذ بالتخطيط وهو الذي ينظم حركة التعليم ويدفعها إلي الأمام ليؤثر في المستقبل ويشكله وعلي هذا النحو يحتل التعليم مكانة هامة في اهتمام عالمنا المعاصر بعد أن صارت المستقبلية بعدا من الأبعاد الهامة في نظر المجتمعات وبعد أن ذاعت الأساليب العملية في دراسة المستقبل والتحكم فيه وبعد أن اتضحت العلاقة بين التعليم والتقدم

المزيد حول الموضوع

الربح من الفايسبوك والانستغرام باختصاار الروابط