قصة سيدنا نوح عليه
السلام
لقد
أرسل الله تعالى للبشرية جميعًا الأنبياء والرسل لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات
إلى النور ، فأرسلهم الله بالكتب المقدسة والمعجزات كذلك ، فلم يرسل الله تعالى
ملكًا ليدعو إلى سبيل الله ، وإنما الله أرسل بشرًا لكل قومٍ ، لكي يتكلم بألسنتهم
وجاءت المعجزة لكي تتناسب مع الزمن والمكان.
من
هو نوح عليه السلام :
وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أدريس وينتهي نسبه إلى شيث عليه السلام بن آدم أبي البشر ، وعرف قبل النبوّة بالصلاح ، والسيرة الحسنة ، والاستقامة ، والخلق الرفيع والمحبة من الناس .
وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أدريس وينتهي نسبه إلى شيث عليه السلام بن آدم أبي البشر ، وعرف قبل النبوّة بالصلاح ، والسيرة الحسنة ، والاستقامة ، والخلق الرفيع والمحبة من الناس .
وذكر
نوح عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم في حوالي ثلاث وأربعون موضعاً ،
وذكر في القرآن الكريم سورة باسمه (سورة نوح) ؛ وبسبب تحمل الأذى الكبير من قومه ،
صنّفه الله سبحانه وتعالى من أولي العزم من الرسل .
ولُقِبَ
نوحٌ – عليه الصلاة والسلام – بأبي البشر الثاني ، حيث أن أولهم هو آدم – عليه
السلام – ، ولقد ورد ذكره في التوراة كما ذُكر في القرآن كذلك ، ولقد عاش بعد آدم
– عليه السلام – بحوالي ألفٌ وستمائة عام .
وكان
سيدنا نوحٍ هو أول نبيٍ يبعثه الله بعد النبي إدريس – عليه السلام ، كان نوح عليه
السلام أطول البشر عمرًا ، ويُروى أنه يوم وافته المنية جاءه ملك الموت يقول له يا
أطول الناس عمرًا كيف وجدت الدنيا فقال وجدتها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من
الأخر .
مهنة
سيدنا نوح عليه السلام والبعثة :
كان نوحٌ يعمل نجارًا في زمنٍ كان يطول فيه عمر الإنسان ، ويعيش فيه طويلًا ، وكان القوم حينها يعبدون الأصنام من دون الله ، فبعث الله فيهم نوحًا نبيًا وكان عمره حينها ثمان مائةٍ وخمسون عامًا ، وكان يدعوهم ليعبدوا الله وحده ولا يشركون به شيئًا وأن يتقوه ويؤمنون به وأن يكونوا مصلحين .
كان نوحٌ يعمل نجارًا في زمنٍ كان يطول فيه عمر الإنسان ، ويعيش فيه طويلًا ، وكان القوم حينها يعبدون الأصنام من دون الله ، فبعث الله فيهم نوحًا نبيًا وكان عمره حينها ثمان مائةٍ وخمسون عامًا ، وكان يدعوهم ليعبدوا الله وحده ولا يشركون به شيئًا وأن يتقوه ويؤمنون به وأن يكونوا مصلحين .
ولكن
ما كان ردهم على دعوته إلا أن يضربونه في كل مرة حتى يفقد وعيه تمامًا ، وكلما
أفاق وعاد له وعيه اتجه إلى الله – سبحانه وتعالى – داعيًا “ربِ اهدِ قومي إنهم لا
يعلمون” فيعودون إلى ضربه حتى تسيل الدماء من أذنيه ويفقد وعيه من جديد ، فيلقونه
في بيته أو على عتبة داره فاقدًا للوعي .
دعوة
نوح عليه السلام :
وقد أخبرهم نوح – عليه السّلام – أنّه لا يرجو من وراء دعوته إلى الله – سبحانه وتعالى – أيّ أجر ، بل أنّه يبتغي كلّ الأجر من الله وحده ، قال سبحانه وتعالى : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) سورة الشعراء الآية 109 .
وقد أخبرهم نوح – عليه السّلام – أنّه لا يرجو من وراء دعوته إلى الله – سبحانه وتعالى – أيّ أجر ، بل أنّه يبتغي كلّ الأجر من الله وحده ، قال سبحانه وتعالى : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) سورة الشعراء الآية 109 .
فما
هو إلا عامل لله، ومبلِّغ لرسالة ربّه ، غير أنّ قومه لم يستجيبوا له ، وقد وصفوا
ما دعاهم إليه بالضّلال ، فقالوا : (قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا
لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) سورة الأعراف الآية 60 .
وليس
ذلك فحسب ، بل أنّهم قد أصرّوا على عنادهم ، وكفرهم ، وشركهم بالله وحده ، قال
سبحانه وتعالى: ( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ
وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) سورة نوح الآية 23 .
وكان
نوحٌ – عليه الصلاة والسلام – يدعو قومه بالليل والنهار ، ويحذّرهم من عاقب الله
لهم ، ورغم ما تعرّض له من أذى وعذاب استمرّ في دعوته ، ولم ييأس من روح الله ،
وقد اتّبعه القلة من فقراء قومه حيث يقدرون ثمانين نفساً ، وكان من بينهم أبناءه
الثلاثة “سام ، وحام ، ويافث” ، أمّا الابن الرابع كنعان فلم يتبعه .
أصرّ
قوم نوح عليه الصلاة والسلام على الكفر والعصيان ، والعناد بوجه الحق ، وحاربوا كل
الضعفاء الذين آمنوا مع سيدنا نوح علية السلام ، وغضب الله – سبحانه وتعالى – على
قوم نوح حينما رآهم يكيلون لنبيه السباب والضرب .
ابتلاء
الله تعالى لقوم نوح عليه السلام :
دعاء نوح عليه السلام على قومه :
وبعد أن يئس نوح – عليه الصلاة والسلام – من أن يؤمن قومه ، دعا عليهم فقال : ( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا )نوح – 26 : 27 . فاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نوح .
دعاء نوح عليه السلام على قومه :
وبعد أن يئس نوح – عليه الصلاة والسلام – من أن يؤمن قومه ، دعا عليهم فقال : ( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا )نوح – 26 : 27 . فاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نوح .
وأوحى
إليه أن يزرع النخيل وظل قومه يسخرون منه وهو لا يكترث بهم ، وبعد خمسين سنة أوحى
إليه أن يصنع سفينة ، وأرسل الله له جبرائيل يعلمه كيف يصنعها ، فكان طولها ألفًا
ومائتي ذراع ، وعرضها ثمان مائة ذراع ، وطولها في السماء ثمانين ذراع .
وقال
له الله أن ينادِ على من آمن معه من قومه ليعاونوه في صنعها ، حيث قال الله تعالى
: ( وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ
أَنَّهُ لَنْ يُؤمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ
بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ وَاصْنَع الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا
تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ) سورة هود الآية 36 – 37 ، وظل الكافرين
من قومه يتعجبون من أمره ، ويسخرون منه كلما مروا عليه ، إذ يصنع سفينة في البر ،
ولقد صنعها بدقة عالية ومهارة أيضًا .
كان
لنوع – عليه الصلاة والسلام – زوجتان ، إحداهما مسلمة وهي عمورة بنت ضمران وهي من
أوحى له الله أن يتزوجها ، وبشره بأنها أول من يؤمن معه ، ورغم أن قومها عذبوها
وسجنوها ، إلا أنها أصرت على إيمانها ، وأنجبت له ابنه سام – عليه السلام -،
والثانية كافرة لم تؤمن حتى بعد كل ما بينه لها من الآيات .
انطلاق
سفينة نوح عليه السلام :
وبينما كانت امرأة نوح تخبز في تنورة نبع منه الماء ، وتفجرت العيون في الأرض ونزل المطر بغزارة ، والتقى ماء الأرض والسماء فارتفعت الماء وسارت السفينة ، وركب مع نوح من كل الحيوانات زوجين اثنين .
وبينما كانت امرأة نوح تخبز في تنورة نبع منه الماء ، وتفجرت العيون في الأرض ونزل المطر بغزارة ، والتقى ماء الأرض والسماء فارتفعت الماء وسارت السفينة ، وركب مع نوح من كل الحيوانات زوجين اثنين .
ولبَّى
نداءه ثمانين فقط من قومه هم من آمنوا معه ، وكان له ابنه كنعان كان خائفًا عليه
من الغرق فالبلاء يحيط به من كل جانب إلا أنه أصر على كفره وأخبر نوح – عليه
الصلاة والسلام – ، بأنه سيعتصم بالجبل من الماء ، لكن لا عاصم من أمر الله إلا من
رحمه الله ، وظل الماء يرتفع ويرتفع حتى وصلت لمكة المكرمة ، وطافت بالبيت الحرام .
وقد
غرق كل من في الأرض حتى الجبال ولم يبقَ إلا البيت العتيق ، ويقال أنه تهدم لم
يبقى إلا القواعد التي بنى سيدنا إبراهيم عليه السلام وولده اسماعيل علية السلام
البيت منها مرة أخرى ، واستمر فيض الماء أربعين يومًا حتى غرق كل من في الأرض
جميعًا ، إلا المؤمنين .
وأمر
الله السماء بأن تكف عن المطر ، وأمر الأرض أن تبتلع ماءها ، وهدأت العواصف ، وقد
أمره الله بأن يهبط من السفينة ومن معه فقد رست السفينة على جبلٍ في تركيا اليوم
واسمه الجودي ، قال تعالى : ( وَقِيلَ
يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ
الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
) سورة
هود الآية 44 ، وانتشر نوحٌ ومن معه من المؤمنين في الأرض عمروها
وزرعوها مستعينين بالله وما آتاهم من قوة وحيواناتٍ ودواب .