البطالة



البطالة هي ظاهره اقتصادية بدأ ظهورها بشكل ملموس مع ازدهار الصناعة إذ لم يكن للبطالة معنى في المجتمعات الريفية التقليدية. طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل هو كل قادر على العمل و راغب فيه، و يبحث عنه، و يقبله عند مسنوى الأجر السائد، ولكن دونى جدوى. من خلال هذا التعريف يتضح أن ليس كل من لا يعمل عاطل فالتلاميذ و المعاقين و المسنين و المتقاعدين و من فقد الأمل في العثور على عمل و أصحاب العمل المؤقت و من هم في غنى عن العمل لا يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل.
معدل البطالة هو نسبة عدد الأفراد العاطلين الي القوه العاملة الكلية و هو معدل يصعب حسابته بدقة. تختلف نسبة العاطلين حسب الوسط (حضري أو قروي) و حسب الجنس و السن و نوع التعليم و المستوى الدراسي.
أنواع البطالة  يمكن أن نشير إلى ثلاث أنواع رئيسة للبطالة و هي :
·                     البطالة الدورية ( البنيوية ) و الناتجة عن دورية النظام الرأسمالي المنتقلة دوما بين الانتعاش و التوسع الاقتصادي و بين الانكماش و الأزمة الاقتصادية التي ينتج عنها وقف التوظيف و التنفيس عن الأزمة بتسريح العمال.
·                     البطالة الاحتكاكية و هي ناتجة عن تنقل العمال ما بين الوظائف و القطاعات و المناطق أو نقص المعلومات فيما يخص فرص العمل المتوفرة.
·                     البطالة المرتبطة بهيكلة الاقتصاد و هي ناتجة عن تغير في هيكل الطلب على المنتجات أو التقدم التكنولوجي، أو انتقال الصناعات إلى بلدان اخرى بحثا عن شروط استغلال أفضل و من اجل ربح أعلى.
البطالة المقنعة هي مصطلح يعبر عن مجموعة من الموظفين الذين يحصلون على أجور او رواتب دون مقابل من العمل او الجهد الذي تتطلبه الوظيفة ، وهي نسبة اذا تم سحبها من مجال العمل لايترتب على خروجها أي نقص في اجمالي انتاج الشركة او المؤسسة التي هم موظفون فيها وربما زاد الانتاج عما لو ظلو في وظائفهم .
فالبطالة المقنعة تحدث في الدول النامية نتيجة تكدس العاملين في الجهاز الحكومي بما يفوق احتياجات تلك الاجهزة وذلك نتيجة التزام الدول بتعيين الخريجين، وتنتج هذه الظاهرة خاصه في الدول النفطية اذ يكون التعيين والعمل ليس حقيقيا بل لمجرد ان تمنح الدولة دخلا للمواطن يكون بمثابه نصيبه من ريع البترول دون ان يكون هناك احتياج حقيقي للعمل إليه.
أسباب البطالة يمكن تلخيص اسباب البطالة فيما يلي:
·                     تدخل الدولة في السير العادي لعمل السوق الحرة و خاصة فيما يخص تدخلها لضمان حد أدنى للأجور، إذ أن تخفيض الأجور و الضرائب هما الكفيلان بتشجيع الاستثمار و بالتالي خلق الثروات و فرص العمل.
·                     أشكال التعويض عن البطالة و قوانين العمل ...
·                     عزوف الرأسماليين عن الاستثمار إذا لم يؤدي الإنتاج الي ربح كافي يلبي طموحاتهم.
·                     التزايد السكاني.
·                     التزايد المستمر في استعمال الآلات و ارتفاع الانتاجية مما يستدعي خفض مدة العمل و تسريح العمال.
·                     بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى التي ضربت النظام الرأسمالي في مطلع الثلاثينات (أزمة 1929) و ارتفاع عدد العاطلين بشكل مهول (12 مليون عاطل في الولايات المتحدة – 6 ملايين في ألمانيا) أرجع بعض علماء الإقتصاد أسباب البطالة إلى أخطاء بعض الرأسماليين الذين لا ينفقون بشكل كافي على الاستثمار.
نتائج البطالة للبطالة نتائج متناقضة على النظام الإقتصادي الرأسمالي و على المجتمع البورجوازي و المضطهدين الذين يعشون في ضله. فهي من جهة تمكن الرأسمالي من شراء قوة العمل، بماهي سلعة، بأقل ثمن ممكن و الوصول متى شاء إلى يد عاملة رخيصة. كما تمكن البورجوازية كطبقة سائدة من الاحتفاض بالطبقة العاملة خاظعة لاستغلالها و سلطتها من خلال إغراق المشتغلين في رعب من مغبة فقدان مورد عيشهم إن هم طالبوا بأجور أعلى لأنه يوجد من هو مستعد للعمل بأجر أقل. و من جهة أخرى تشكل البطالة، إن هي تجاوزت حدود معينة (حسب كل مرحلة تاريخية)، تهديدا لاستقرار النظام بكليته (الثورة أو الفاشية). كما تعد البطالة تدميرا ممنهجا لقوى الانتاج (إلى جانب الحروب) مما يضيع على الانسانية موارد جد هامة. و لا تقل نتائج البطالة كارثية على المستوى الاجتماعي، حيث أصبح من المؤكد اليوم أن الجريمة و الأمراض العضوية و النفسية و استهلاك المخدرات و الدعارة ... تلعب البطالة بما يرافقاها من بؤس دورا محوريا و مشجعا فيها.
حلول للبطالة  لا يرى اقتصاديوا البورجوازية حلا لمشكلة البطالة إلا في اتجاهين أساسيين: اتجاه أول يرى للخروج من البطالة ضرورة:
·                     رفع وتيرة النمو الاقتصادي بشكل يمكن من خلق مناصب الشغل ( في ظل الرأسمالية المعولمة يمكن تحقيق النمو دون خلق فرص الشغل)، و في الدول الصناعية لا يمكن الارتفاع عن نسبة 2.5 في المئة بسبب قيود العرض ( يتم تدمير النسيج الاقتصادي للعالم الثالث لحل أزمة المركز من خلال سياسات التقويم الهيكلي و المديونية التي من نتائجها تفكيك صناعات العالم الثالث و تحويله لمستهلك لمنتجات الدول الصناعية).
·                     خفض تكلفة العمل أي تخفيض الأجور بشكل يخفض تكلفة الانتاج و يرفع القدرة على المنافسة و تحقيق الأرباح .
·                     تغيير شروط سوق العمل يعني المطالبة بحذف الحد الأدنى للأجور، خفض تحملات التغطية الاجتماعية و الضرائب، وتقليص أو حذف التعويض عن البطالة تخفيض الأجور و سعات العمل ( المرونة في الأجور و سعات العمل ).
اتجاه ثاني يرى للخروج من أزمة البطالة ضرورة:
·                     ضرورة تدخل الدولة لظبط الفوضى الاقتصادية و التوازن الاجتماعي (عبرت عنه دولة الرعية الاجتماعية في الغرب) . هذا الاتجاه أخذ يتوارى بفعل ضغط الاتجاه الأول (العولمة).
أما الحل الجذري لقضية البطالة فيتطلب إعادة هيكلة الإقتصاد على قاعدة التملك الجماعي لوسائل الانتاج و تلبية الحاجيات الأساسية لكل البشر خارج نطاق الربح الرأسمالي، أي بناء مجتمع آخر لا يكون فيه نجاح الأقلية في العيش المترف على حساب عجز الأغلبية في الوصول إلى الحد الأدنى من العيش الكريم.
البطالة بالمغرب
1.
البطالة بشكل عام  البطالة بشكلها المعاصر، المرتبط بالمجتمع الصناعي، لم يعرفها المغرب إلا مع بداية التغلغل الاستعماري،الذي قام ببناء نواة صناعية و منجمية و بنية تحتية تطلبت يد عاملة مهمة استقدمها المعمر من البوادي بعد مصادرة أجود الأراضي الفلاحية من أصحابها من جهة و تحديث الفلاحة الأمر الذي قلص اليد العاملة المشتغلة بالقطاع من جهة أخرى. الأمر الذي دفع آلاف الفلاحين إلى التوجه إلى المدن قصد البحث عن فرصة عمل هربا من الجوع و الأمراض.
و بحكم السياسة التي اتبعها المعمر و طبيعة رهانه على مستعمراته لم يحدث أي تطور كبير في البنى الانتاجية مما حافض على مستوى من البؤس و الحرمان كانت أحياء الصفيح و آلاف العاطلين و الأميين شهادة بينة عليه.
لم تشفع التضحيات الجسام التي قدمها الشعب المغربي من أجل دحر الاحتلال في التخلص من هذا الوضع المزري، حيث تمخضت تحولات 1956 عن بروز نظام اقتصادي و سياسي تحتسيطرة الاستعمار الجديد بقيادة الاقطاع و كبار الرأسماليين المندمجين و الخاضعين للتقسيم الدولي للعمل و هو ما سيحكم و إلى الآن على عدد هام من أبناء الشعب بالعيش تحت طائلة الفقر و الحرمان و نسبة مرتفعة من البطالة و يكفي الرجوع إلى النسب الرسمية،رغم نفاقها و عدم دقتها لتبيان حجم الكارثة. (سنة 1991 2.5 في المئة من التوظيفات تمت عن طرق مكاتب التشغيل في حن 64.5 في المئة تمت بشكل مباشر بين العامل و المشغل 16.5 في المئة عن طرق الأصدقاء و المعارف) مديرية الاحصاء المدة ما بين 1985 و 1999 .

المزيد حول الموضوع

الربح من الفايسبوك والانستغرام باختصاار الروابط