المحور الثاني : الرغبة والارادة
: وضعية المشكلة
ان صعوبة الفصل بين كل من الرغبة والحاجة من حيث ان كليها يوحي لك طابع الضرورة مما يدفعنا الى طرح السؤال ما علاقة الرغبة بالارادة الانسانية هل يمكن اعتبار الرغبة ارادية و واعية ام انها تندرج ضمن مجال اللاواعي ؟
: موقف افلاطون
الاشكالية : بماذا ترتبط الرغبة هل ترتبط بالجانب العاقل في النفس ام الجانب العاقل فيها ؟ وما علاقتها بالغضب ؟
اطروحة النص : يميز افلاطون في النفس البشرية في ثلاث قوى : قوة شهوانية تهدف الى اشباع الرغبات . قوة عاقلة تتحكم في الانفعالات وقوة غضبية تتصارع احيانا مع الرغبات
عناصر الاطروحة : من خلال مثال امتناع بعض العطشى من الشرب يثبت افلاطون ان هناك اكثر من قوة مبدا يتحكم في الافعال الانسانية .يرتبط مبدا الاول بالجانب الغريزي الانفعالي ( الشهوة ) بينما يندرج المبدا الثاني ضمن مجال العقل . وهما مبداين منفصلين عن بعضهما بكل حيث مبدا ينغلق على ذاته .يوجد في النفس البشرية مبدا ثالث نسميه بالقوة الغضبية وهي قوة ناتجة عن صراع بين الجانب العقل والجانب الشهوة او الرغبة .
: خلاصة تركيبة
الرغبة تندرج ضمن المجال لا عاقل للانسان بحيث تصدر عن الشهوة والانفعالات الغريزية التي يتعين على العقل قمعها على اعتبار ان الانسان فيه قوى مختلفة ومنفصلة عن بعضها البعض
موقف اسبينوزا : ان الانسان هو كائن رغبة فنظام الافكار غير متعالي عن نظام الرغبات والاهواء الجسدية فهو ليس كائن معرفة بقدر ما هو كائن رغبة لذالك يقر اسبينوزا على ان ما يشكل ماهية الانسان هي الرغبة . ويعرف هذه الاخيرة على انها ذالك المجهود الذي يقوم به الانسان من اجل ان يستمر في بقائه بمعنى ان الانسان لا يفكر ولايجهد نفسه في التخيل والمعرفة الى لكي يلبي رغبته فليست الرغبة منحصرة في مجال الحس بحيث يتعتى فهمها من طرف العقل بل ان العقل ذاته في نهاية الامر ليس سوى نوازع جسدية اذ ان النفس ليست جوهرا ثابتا مستقلا عن الجسد بل هي تعبير عنه ويرجع الفصل بين النفس والجسد الى جهل بامكانات الجسد فكيف نفسر حالة النائم الماشي كون جسده ياتي افعالا وحركة حتى في حالة غفلة العقل وغيابه كما انه يسحيل تفكير في حالة غفلة العقل وغيابه كما انه يستعمل تفكير في حالة انهاك الجسد ويستدل اسبينوزا كذالك على غياب الارادة في الافكار الانسانية من خلال ظاهرة الندم التي تثبت ان افعال البشر ليست ناتجة بضرورة عن تبصر عقلي وادارة حرة بل مصدرها نوازع وميولات جسدية جارفة فالعقل الانساني ليس ناتجا عن ارادة بقدر ماهو نابع لهوى وبيع الجسديترتب عن ذالك ان النفس والجسد لهما وجود واحد فلا وجود لجوهر مفكر مستقلا ومتميز عن الجسد وتبعا لذلك فان الرغبات لا تكون في الغالب ارادية وما يجعل الانسان يتوهم انه يتحكم فيها هو كونه يعي بها غير انه يجعل قدرتها على التحكم فيها .
موقف فرويد : لتحليل الجاهز النفسي للانسان نجد ان اغلب الرغبات الغريزية تنسحب بفعل مبدا الواقع الى منطقة الاشعور وتطفوا على سطح الوعي متى تسنح لها الفرصة غير انها تتمظهر في اشكال رمزية غير مباشرة ليمتد اليها الوعي الانساني اذ تظل مرتبطة بالجانب الاواعي والمجال لذي تعبد هذه الرغبات عن نفسها بشكل كبير هي الاحلام اذ يعتبرها فرويد الطريق الملكي للاشعور وهذه الرغبات المحققة للاحلام لا تكشف عن نفسها بشكل مباشر وانما تكون غالبا رغبات مقنعة مما يعني صعوبة الوعي بها ويتطلب الامر تدخل وسيط وهو المحلل النفسي فغالبا ما تنطوي الاحلام على معاني خفية ومشوهة ويرجع ذالك الى ان الرقابة لا تغيب بشكل مطلق اثانء النوم بل هي فقط تتراخى وتخف ولذالك تلجا الانا الى التخفيف من معاني الحلم المحظورة بواسطة صور مشوهة ( فكل حلم انما هو تحقيق مقنع لرغبة مكبوتة )
: خلاصة تركيبية
يتبن اذن ان رغبات الانسانية ليست كلها ارادية كما انها لا تكون دائما لا ارادية هلى اعتبار ان الانسان كائن واعي ولاواعي في الوقت ذاته .