الإسراء والمعراج : موقف قريش موقف أبو بكر الْعِبَر والدروس

 الإسراء والمعراج
 لم تكن رحلةُ الإسراء والمعراجِ حدثاً عادياً؛ بل كانت معجزةً إلهيَّة متكاملةً أيَّدَ الله بها نبيَّهُ محمداً عليه الصَّلاة والسَّلام، ونَصَر بها دعوتَهُ، وأظهَرهُ على قومِه بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ يعجزُ عنها البَشر؛ إذ أسرى بهِ من المَسجدِ الحرامِ في مكَّةَ إلى المسجدِ الأقصى في مدينةِ القدس؛ِ لِيُسرِّيَ عنهُ ما لَقيَهُ من أهلِ الطَّائف، ومن آثارِ دعوتِه، وموتِ عمِّهِ وزوجَتِه، ثمَّ عَرَجَ بِهِ إلى السَّماواتِ العُلى؛ ليريَهُ من آياتِهِ الكبرى،[٤] وعلى الرّغمِ من عدمِ ذكرِ الحادثةِ تصريحاً في آياتِ القرآنِ الكريمِ، إلَّا أَّنها اشتَملت إشاراتٍ تُؤيِّدُ صحَّتها، منها ما وَرَدَ في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ*عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ*لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ)،[٥] وفي تفسيرِ الآية: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ)؛ فإنّ رؤيةَ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ لجبريل كانت على هيئَتهِ التي خَلقهُ اللهُ عليها، وكانت هذه الرّؤيةُ مرَّتينِ: أولاهما ليلةَ البعثِ لمَّا أوحى إليهِ، والثَّانيةُ ليلةَ الإسراء.[٦]
موقف قريش من الإسراء والمعراج
أصبح رسول صلى الله عليه وسلم في مكة بعد رحلة الإسراء والمعراج ونزل في بيت أم هاني بنت أبي طالب أخت علي بن أبي طالب كرم الله وجهة فأخبرها بخبر الإسراء والمعراج كما أعلمها أنه عليه الصلاة والسلام يريد أخبار قومه لإظهار قدرة الله عز وجل ولمحاولة اقناعهم بصدق دعوته علهم يلبون نداءه فيعلنون أسلامهم لكن أم هاني خشيت على النبي صلى الله علية وسلم من أن يكذبه قومه أو يعترض لاستهزائهم ولها عندما هم النبي بالخروج إلى قومه تعلقت برداءه وقالت له : أنا شدك بالله يا رسول الله ألا تذهب لان قومك سوف يكذبونك ولكن النبي أنتزع رداءه منها وسطع نور عند قلبة كاد يخطف بصرها فخرج دون أن تراه وعندئذ أرسلت في أثره جارية لها تدعى نبعة لتعرف ما سيحدث له مع قومه
وصل الرسول إلى نفر من قريش وفيهم أبا جهل بن هشام ومطعم بن عدي فسالة أبو ابو جهل هل من خبر فقص رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر الإسراء فقال له أبو جهل : أو تحدث قومك مثل ما حدثتنا إذا ناديتهم فقال رسول الله صلى الله علية وسلم ما جرى له فماذا كان ردهم ؟
صار بعضهم يصفق إستهزاء وبعضهم وضع يده على رأسة تعجبا إلى أن قال مطعم بن عدي : كيف يحصل ذلك في ليلة واحدة ؟ ونحن ونحن نستغرق في رحلتنا إلى بت المقدس شهرا أتزعم أنك أنيته ي ليلة واحدة واللات والعزى لا أصدقك وسمع أبو بكر الصديق رضي الله عنه حدسث مطعم بن عدي فقال أشهد أنه صادق عندئذ طلبوا من النبي صلى الله علية وسلم أن يصف لهم بيت المقدس وكان بعضهم زار بيت المقدس وأجا بهم النبي صلى الله علية وسلم إلى طلبهم فوصف لهم بيت لمقدس وصفا دقيقل وأبوبكر رضي الله عنه يقول : أشهد أنك رسول الله فقالوا : أما النعث فقد أصاب
ثم قالوا فأخبرنا من عير لنا قادم من الشام فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يتقدمها جمل أوراق عليه وغراتان محيطتان قال وشريت من قربة وأن القافلة تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس
فخرجوا ينتظرون طلوع الشمس يريدون تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم : هذه الشمس قد طلعت وقال الأخر : وهذه والله العير قد أقبلت يتقدمها جمل أوراق ولم يزدهم هذا البرهان إلا عنادا وقالوا : أن هذا سحر مبين

موقف أبو بكر العظيم من قصة الإسراء والمعراج
لما كانت رحلة الإسراء  والمعراج جاء المشركون إلى أبي بكر فقالوا له: إن صاحبك يزعم أنه أُسري به إلى المسجد الأقصى في الليلة الماضية ونحن نقطع أكباد الإبل إليها في شهركامل, فقال أبو بكر: إن قال فقد صدق.
وفي رواية: وبادر الصديق إلى التصديق وقال: إني لأصدقه في خبر السماء بكرة وعشية, أفلا أصدقه في بيت المقدس؟! [ البداية والنهاية لابن كثير ( 3/ 108 ) ].
ولذلك يُقال: إن أبو بكر سُمى صديقاً من حادثة الإسراء والمعراج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ليلة أسرى به لجبريل: إن قومي لا يصدقوني فقال له جبريل: يصدقك أبو بكر وهو الصديق. [ التبصرة لابن الجوزي ( 1/ 338 - 402 ) ].
وكان عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - يحلف أن الله - عز وجل - أنزل اسم أبي بكر من السماء ( الصديق ). [ قل ابن حجر في الفتح ( 11/ 7 ): رواه الطبراني ورجاله ثقات ].
الْعِبَر والدروس  المُستفَادة من رحْلة الإسراء والمعراج:
تنطوي رحلة الإسراء والمعراج، على معاني ودلالات عظيمة،كما تتضمّن دروساً وعبراً عديدة، سأذكر أهمّ العبر والفوائد الذي تضمّنتها هذه الرحلة النبوية المباركة فيما يلي:
ü كلُّ محْنَةٍ وراءها منْحَة:
ما من محنة،إلا وتعْقُبها منحٌ وعطاءات ربّانية، وتلكَ سنّةُ الله ماضيّة في خلقه وفي تدبير شؤون الكون،فبعد أن ذاق المسلمون ويْلات التّعذيب والتّنكيل، وحصار الدّعوة وقائدها عليه أفضل الصلاة والسلام،تكرّم المولى عز وجل، بأن جعل حدث الإسراء والمعراج، تسْليةً لفؤاد نبيه صلى الله وسلم،وتأييداً لدعوته ورسالته، قال تعالى في شأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته الخالدة:" مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى "   سورة النجم: الآيات: 2-4-3-
ü التّكريم الإلهي لسيّدنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليْه وسلّم.
إنّ حدث الإسراء والمعراج،يُعتبر مكرُمة ربّانية، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛حيث أطْلعه الله على بعض الحقائق والتجلّيات في هذه الرحلة؛ حيث رأى من آيات الله العظمى، وأدرك أموراً عن الآخرة، وبعضَ ما يتعلق بأحوال أهل النار وأهل الجنة،عُروجٌ من الأرض إلى السماء لمعاينة بعض أمور الغيب ؛ ليتحقق بذلك العروج الرّوحي للنبي الكريم ،إنه لأعظم تكريم وامتنان على النبي المبعوث رحمة للعالمين.
قال تعالى:"لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " سورة الإسراء، الآية: 1
ü شرف العبودية ﴿أسرى بعبده﴾ :
قال تعالى :"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ.." الإسراء، الآية:1
إنّ إطلاق لفظ _العبد  _على الرّسول صلوات الله وسلامه عليه،وتشريف النبي الكريم بهذا اللقب في سياق حدث الإسراء والمعراج؛ لأعظم منّة وعطاء إلهي، فالعبودية لله أشرف منزلة، وأعظم مقام يتبوأها المرء في هذه الحياة،يتوصل إليها بفعل الطاعات والتهجد لله والتبتل إليه؛ ولقد ضرب الرسول الكريم، أرْوع الأمثلة، وأسمى نموذج في العبودية لله، فكان حقّاً عبداً لله،شكورا لربّه.
ü الثّبات على المبْدأ :
قصة الإسراء والمعراج هي قضية الثبات على المبدأ المتمثِّل في موقف سيدنا أبي بكر - رضي الله عنه -لقد كان حادث الإسراء مُستغربًا عند البشر، إلا أن رجلاً كأبي بكر الصديق لم يُخالجْ هذا الاستغراب داخله، ولم يتردَّد في تصديقه؛ قال له الكفّار: إنّ صاحبك يزْعُم أنه أُسري به اللّيلة إلى بيت المقدس ثم عاد، ونحن نقطع أكباد الإبل شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا، وكان أبو بكر فطنًا فلم يقل لهم مباشرة: لقد صدق؛ لاحتمال أنهم افتعلوا هذا الأمر ونسبَوه إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إنما قال: إن كان قال فقد صدق؛ إني أصدِّقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدِّقه في خبر السماء، فاستحقّ بهذا التصديق أن يكون صدِّيقًا، بل مِن حينها كان جديرًا أن يكون ثاني اثنين، واستحقَّ أن يكون إيمانه أثقل من إيمان الأمة جميعها.
ü التّأكيدُ على حُرْمة مكّة المكرّمة وبيت المقدس.
قال تعالى:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.."سورة الإسراء، الآية:1
لقد جعل الله للمسلمين أزْمنة يفضل العمل فيها عن غيرها،كذلك أيضاً الشأن بالنسبة للأمكنة؛ ومن عقيدة المسلمين وواجبهم الإيماني، تعظيم شعائر الله الزمانية والمكانية؛ حيث يعتبر ذلك من تقوى القلوب .
ومن تلك الأمكنة، بيت الله الحرام بمكة؛ حيث كانت بداية الرحلة النبوية في معجزة الإسراء،وانتهاء بمسجد الأقصىى بفلسطين ؛ فالصلاة تعظم في هذه المساجد، ويفوق فيها الأجر والثواب، كماورد في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ü أهمّيّة الصّلاة ومنزلتُها في الإسلام.
لمّا كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف ،فرض الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الصّلوات الخمس ، وهي عمادُ الدّين ، وركن الإسلام الثاني،وهي أُمّ العبادات وأشرف الطّاعات وأعظم القربات،إذا قُبلت الصلاة قبلت سائر الأعمال الصالحة، فإن ردّت الصلاة ردّت سائر الأعمال، فعليها يتوقف قَبول كلّ أعمال المسلم يوم القيامة.
كلّ الشّعائر الدّينية، فُرضت من الباري عز وجل إلى جبريل ،إلى النبي الكريم،إلاّ الصلاة ،فهي من الله إلى نبيّه الرحيم دون وسيط،هي ملمحٌ لكلّ مؤمن،بأن روحه تعرج في الصلاة إلى السماء،كما عرج نبي الإسلام روحاً وجسداً إلى سدرة المنتهى.

إن رحلة الإسراء والمعراج لم تكن مجرد رحلة تسرية وتسلية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم فحسب، بل كانت رحلة تربية وتهذيب لنا، فلعلنا ننتفع بهذه الدروس، ونحيي بها ما اندرس في النفوس.

المزيد حول الموضوع

الربح من الفايسبوك والانستغرام باختصاار الروابط