اولاً: في مفهوم
الديمقراطية .
ثانياً: المجتمع
المدني ( المفهوم، المقومات، الشروط) .
ثالثاً: دور المجتمع
المدني في بناء الديمقراطية .
اولاً : في مفهوم الديمقراطية :
ان الديمقراطية في
اللغة السياسية وبمفهومها الواسع، مشاركة الشعب في اتخاذ القرار ومراقبة تنفيذه
والمحاسبة على نتائجه من قبل سلطة تشريعية ( البرلمان)، وهناك آليات تعطي شكل
ومضمون للديمقراطية،قبل الانتخابات،وحضور الاحزاب السياسية،والفصل بين
السلطات،وسيادة القانون،وتداول السلطة سلمياً،غير ان وجود هذه الآليات لوحدها غير
كاف بل يفترض توافر الثقافة السياسية الديمقراطية في بنية المجتمع والمؤسسات
السياسية،فضلاً عن حضور مؤسسات المجتمع المدني ودور الرأي العام وجماعات الضغط
والمصالح، وكل هذه المؤسسات تسهم في صنع القرارات السياسية التي تخدم الصالح
العام، مادامت الديمقراطية هي حكم الشعب.
من هنا، فأنه
الديمقراطية تعد اطار لتنظيم الصراع سليماً بين افراد وطبقات المجتمع من
ناحية،والدولة والمجتمع من جهة اخرى،وفي التحليل الاخير يفضي ذلك الى تجسيد الية
رئيسة هي ( تداول السلطة سلمياً) من خلال الانتخابات الدورية العامة، ونخلص الى
انه موضوعة الديمقراطية تأتي لتحل اشكالية السلطة،فبدلاً من الصراع على الحكم (
عنفاً يتم الوصول الى السلطة ( سلماً).
ثانياً
: المجتمع المدني : ( المفهوم ، المقومات،
الشروط)
المفهوم :
ان موضوعة المجتمع
المدني قد اثارت جدلاً واسعاً على مستوى المفهوم والدور والوظيفة، واعيد له
الاعتبار في المدة الاخيرة بعد ان انكشفت مساوئ الدولة الشمولية .
فالتحولات السياسية
والاجتماعية والثقافية لاسيما في اوربا افضت الى القول بأن مفهوم المجتمع المدني
والدولة (متلازمان ومتقابلان) فلا يمكن النهوض بمجتمع مدني دون (دولة قوية) تقوم
على مؤسسات دستورية وقانونية، هذا لا يعني تبعية المجتمع المدني للسلطة، بل
موازياً لها، كما ان من الصعب الكلام عن سلطة دون اكتسابها للشرعية،والشرعية تأتي
من الشعب،ودون ذلك تتحول الدولة الى ( دولة معزولة ) فعندما ينهار المجتمع المدني
تنهار السلطة والدولة معاً.
نخلص الى ان المجتمع
المدني هو ثمرة جهود مختلفة ومتعددة ونشاطات انسانية / اجتماعية / اقتصادية /
ثقافية ،سياسية، عبر تأسيس منظمات واتحادات ونقابات وروابط ونواد وجمعيات تعبر عن
اراء وافكار ومصالح اعضاءها، وهي مستقلة عن السلطة، ولاتبغي ربحاً، ولاتسعى الوصول
الى السلطة،وهي طوعية (اختيارية) تتمثل بروح المبادرة الطوعية الفردية والجماعية ،
فهي مجتمع التضامن والتعاون، مجتمع الحوار والاعتراف بالاخر.
2المقومات : لما كان
المجتمع المدني مجموعة من التنظيمات الطوعية والحرة التي تملأ المجال بين الاسرة
والسلطة، فان له مجموعة من المقومات هي:
أـ الفعل الارادي الحر والتطوعي
لتحقيق مصالح الاعضاء وحماية حقوقهم وحرياتهم.
ب ـ تواجد وعمل هذه
المؤسسات في اطار ( دستوري، قانوني ) تكتسب صفة .
ج ـ عدم السعي
للسلطة السياسية،فوظيفتها عامل ضغط وتأثير على القرار السياسي. فضلاً عن استقلالها
عن السلطة.
3 ـ الشروط:
ولكي يحقق المجتمع المدني غايته لابد من
توفر جملة من الشروط وهي.
اـ شيوع الثقافة الديمقراطية على صعيد المجتمع
والسلطة السياسية.
ب ـ توفر فضاء من
الحرية على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي ومثبتة دستورياً.
ج ـ توافر مبدأ
احترام حقوق كل الجماعات الاثنية والقومية من قبل المجتمع والسلطة السياسية.
ثالثاً : دور المجتمع المدني في بناء
الديمقراطية .
ان مؤسسات المجتمع
المدني واحدة من قنوات المشاركة السياسية
في الانظمة السياسية الديمقراطية، وهي تمثل عامل ضغط على السلطة في مخرجات
القرارات السياسية للسلطة لخدمة الصالح العام. لكن الفرق انها لا تسعى للسلطة
بالرغم من ان اعضاءها اكثر قطاعات المجتمع نشاطاً واستعداداً للانخراط في الانشطة
السياسية الديمقراطية. وتبدو العلاقة واضحة بين الديمقراطية والمجتمع المدني، فان
من اسباب ضعف التحولات الديمقراطية تعود الى غياب او ضعف المجتمع المدني.ان
المجتمع المدني يمثل البنية التحتية للديمقراطية كنظام للحياة واسلوب لتسيير
المجتمع، ومن ثم فان مؤسسات المجتمع المدني افضل اطار للقيام بدورها كمدارس
للتنشئة الديمقراطية،فعندما ينشط المواطن في حيزه المجتمعي فمن الطبيعي ان يتثقف
ويتدرب على الممارسة الديمقراطية،ويصبح مهيئاً للانخراط في النشاط العام للمجتمع
في اطار ديمقراطي،وحينها يصبح طرفاً فاعلاً ومشاركاً في الممارسة
الديمقراطية،وعندما تتوفر امكانية المشاركة الواسعة للمواطنين من خلال
المؤسسات،تتوفر حياة داخلية وديمقراطية تمكن الاعضاء من القيام بهذه الادوار.
وبذلك تصبح الديمقراطية بناءاً من اسفل
ليشمل المجتمع كله، وطرفاً اساسياً في معادلة الحكم.اذن: يقوم المجتمع المدني
بدوره في بناء الديمقراطية على مستويين: الاول : مستوى ثقافي وتعبوي يقوم باداء
وظائفه في المجتمع،والثاني : مستوى تربوي من خلال الممارسة الداخلية لاعضائه في
التدريب على الاسس والحوار الديمقراطي.
ويتمل دور المجتمع
المدني في الاسهام بالتحول والبناء الديمقراطي بمجموعة من الوظائف هي:
1ـ تجميع المصالح :
حيث يتم بلورة مواقف جماعية ومطالبية مجتمعية وعرضها على السلطة السياسية للوصول
الى حل لتخرج بصيغة ( قرار سياسي) يخدم الصالح العام .
2 ـ تدريب وافراز
القيادات الديمقراطية: ان العمل في مؤسسات المجتمع المدني تجتذب المواطنين وتمكنهم
من اكتشاف قدراتهم وتوفر لهم السبل في الممارسة،لتجعلهم ناشطين ومهيئين
للقيادة،وبذلك تسهم هذه المؤسسات في دفع التطور الديمقراطي وانضاجه.
3ـ زيادة الثروة وتحسين الاوضاع: تسهم مؤسسات
المجتمع المدني في توفير نشاط فردي وجماعي يؤدي الى زيادة الدخل الفردي وذلك
يساعدهم في ممارسة النشاط السياسي والمجتمعي والاهتمام بقضايا المجتمع.وعكس ذلك
ينصرف الناس عن الاهتمام بقضايا المجتمع والمشاركة بحلها.
4ـ اشاعة ثقافة
مدنية وديمقراطية : ان من اهم الوظائف التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني،اشاعة
الثقافة الديمقراطية التي تتمثل بالتسامح والتعاون والاعتراف بالاخر
المختلف,وادارة الاختلاف بالطرق السلمية. وهذه القيم في مجملها قيم ديمقراطية.