التدخين



التدخين
لا يختلف عاقلان على أن التدخين مضر جداً بصحة الإنسان وهو من بين المسببات الأساسية للشيخوخة وللأمراض المعصية والأعراض المصاحبة لها. إنه بلا أدنى شك سلاح الدمار الشامل البطيء الذي يهدد البشرية جمعاء [1] أو بمعنى آخر هو الموت البطيء. كثيرةٌ هي الأبحاث التي تحذر من مضاره [2،3،4] فيكفي مثلاً التحذيرات المكتوبة على علب السجائر مثل “وزارة الصحة تحذر: التدخين يؤدي الى امراض خطيرة ومميتة” أو “دخـــن تمــــت” كقول الشاعر (الفيلسوف الصوفي الحلاج):
فما هو التدخين؟ هل يقتصر على السجائر فقط؟ من أول من دخن ؟ ما هي مضاره؟ ما حكم التدخين في الإسلام وما هي الحلول الممكنة للإقلاع عن هذا الوباء؟
ما هو التدخين:
التدخين حسب تعريف الموسوعة الحرة ويكيبيديا [5] هو عملية يتم فيها حرق مادة، غالبًا ما تكون هذه المادة هي التبغ، حيث يتم تذوق الدخان أو استنشاقه. وتتم هذه العملية في المقام الأول باعتبارها ممارسة لتروح النفس عن طريق استخدام المخدر، حيث يَصدر عن احتراق المادة الفعالة في المخدر، مثل النيكوتين مما يجعلها متاحة للامتصاص من خلال الرئة. وتعد السجائر هي أكثر الوسائل شيوعًا للتدخين في الوقت الراهن، سواء كانت السيجارة منتجة صناعيا أو ملفوفة يدويًا من التبغ السائب وورق لف السجائر. وهناك وسائل أخرى للتدخين تتمثل في الغليون، السيجار، الشيشة
أضراره:
أضرار التدخين كثيرة فمنها صحية ومنها مالية ومنها اضرار على المحيط الذي يعيش معنا وعلى البيئة التي نعيش فيها أيضاً يؤثر التدخين تأثيراً خطيراً على صحة الإنسان ويعد المسبب الأساسي لكثير من أمراض القلب والجهاز الدوري فيسمح بترسب كميات هائلة من مادة النيكوتين المسرطنة في الفم والحنجرة والرئتين. كشف الفريق الذي يرأسه البروفسور سريكومار شيلابان من جامعة جنوب فلوريدا أنّ الجسم البشري يحتوي على مستقبلات للنكوتين، وهذه المستقبلات توجد في الخلايا الرئوية المسرطنة، وهي تعدّ المفتاح الذي يستخدمه النكوتين للتسريع في عملية نموّ السرطان، وبذلك بات النيكوتين يصنّف على أنّه “مادة مسرطنة” وهو الأول من نوعه الذي يتمّ تصنيفه على هذه الشاكلة! ويعتبر المسبب الأساسي للوفاة في العالم في الوقت الحالي حسب تقرير منظمة الصحة العالمية [9]: في كل عام يقتل الدخان خمسة ملايين مدخن! ويقول العلماء إن دخان السيجارة يحوي أربعة آلاف مادة كيميائية منها مادة تشكل خطراً وأضراراً على الإنسان، ومنها مادة تسبب السرطان. فسرطان الرئة يحصد ٨٥% من مرضه بعد ٥ سنوات من تشخيص المرض ويعتبر التدخين المسبب الأساسي لما يقارب ٩٠٪ من هؤلاء المرضى وليس هذا فقط فالتدخين يلعب دور غير مباشر أي أنه لا يؤذي فقط المدخنين بل يؤذي من يحيط بهم: فتقول المنظمة: في كل عام يموت 600000 إنسان غير مدخن بسبب التدخين غير المباشر، أي بسبب تعرضهم لدخان سجائر المدخنين من حولهم. ونسبة كبيرة من الوفيات بسبب التدخين السلبي (غير المباشر) تكون في صفوف الأطفال (40 %). وهذا يشكل ضرراً كبيراً على المجتمع: بل هو اعتداء على حقوق الناس الذين يعيشون معه في مجتمع واحد. وأول من يتضرر بعد المدخن هم أقرب الناس إليه كزوجته وأولاده، ثم أصدقائه، ثم الراكبين والواقفين والماشين إلى جنبه. وقد أثبت المختصون أن الممتنع عن التدخين إذا جالس من يدخن لمدة أربع ساعات فإنه يتضرر بمقدار ما لو دخّن عشر سجائر. وقد تم تطبيق الحظر في بعض الأماكن العامة في البلدان المتقدمة وظهرت الفوائد على الفور، ولذلك يحذر العلماء من أضرار التدخين وضرورة منعه وتحريمه تماماً.
من الضرر هناك ضرر المال : وذلك أن الدخان الذي يستهلك يحتاج إلى مال لشرائه. وذاك المال يدفع لما فيه الضرر وليس لما فيه النفع. وزيادةً على هذا فإن المال المدفوع مقتطَع في الحقيقة من حق أفراد العائلة أكلا وشربا وملبسا ومسكنا ودواء وغيره. ولو أن المدخن وفَّر ماله كل يوم عوض إنفاقه في الدخان لجمع مالا يستطيع أن يستغله في مشاريع خيرية كبيرة ترجع بالفائدة على المساكين والمحتاجين أو على نفسه وعائلته.. وإذا أردنا أن نترجم كلامنا بالأرقام قلنا: لنفترض أن علبة الدخان بدولار، وأنها تستهلك كل يوم، يكون المجموع الشهري ٣٠ دولارا، والمجموع السنوي ٣٦٠ دولارا،ومجموع ٥ سنوات ١٨٠٠ دولارا. وهناك أيضاً زيادةً على ذلك المصاريف التي سيدفعها المدخن للعلاج وقد تكون كارثية إذا لم يكن هناك ضمان لهذا الشخص وايضاً تكون كارثية على الدولة.. فعلى صعيد إقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية يدفع الأمريكيون أكثر من ١٠٠ مليار دولار لشراء السجائر ويكلف الدولة ما يقارب المئة مليار دولار إضافية تنفق على الرعاية الصحية العامة والخاصة معًا [١١]. ويكفي أن نعلم أن دولة مثل السعودية “مهد الإسلام” تشتري 15 مليار سيجارة سنوياً بتكلفة 8 مليارات دولار!!! أما مصر فتستهلك 80 مليار سيجارة سنوياً أما أكبر نسبة للمدخنين مقارنة بعدد السكان فنجدها في تركيا “المسلمة” حيث تبلغ نسبة المدخنين أكثر من 67 %. أما الدول العربية فتستورد قرابة 200 مليار سيجارة سنوياً، غالبها من شركات التبغ الأميركية، وتنفق الدول العربية على التدخين أكثر مما تنفقه على التعليم والصحة.
ومثلما أن تلويث الماء ممنوع فكذلك تلويث الهواء إذ هما عنصران لا غنى عنهما لحياة وصحة الإنسان. وانظر ما يسببه الدخان الصادر من الآلاف المؤلفة من المدخنين وهم ينفثون دخانهم وسمومهم في الهواء الذي يتنفسه الناس من حولهم. وزد على هذا ما ينبعث من الدخان من رائحة كريهة تلطخ الملابس وتلوث الهواء
الإسلام والتدخين:
لقد حرم الإسلام كل ما يضر بالإنسان فقد قال ربنا تبارك وتعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195]، و وقال أيضاً : (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29] ويقول”… يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ…” [جزء من الأية 157 من سورة الأعراف] ويقول أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172] … وهناك قول عظيم للرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام يختصر جميع ما يحذر منه العلماء حسب القاعدة الرائعة (لا ضرر ولا ضِرار) (رواه أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه).
رأى علماء الإسلام في البداية إلى اعتبار التدخين مكروها إلا أن تطور الأبحاث العلمية وثبوت تسبب التدخين بشكل مباشر في الإصابة بالعديد من أنواع السرطانات دفع بمجمع الفقه الإسلامي الدولي المجتمع في جدة إلى تحريمه تحريما قاطعا.
أنا لست هنا في موقع أن أفتي بتحريمه بالرغم من كل النتائج المضرة له ولو أن هناك من أفتوا بكرهه وليس تحريمه بالأعتماد على بعض الشبهات التي يرجع إليها كل من يقول أنه مكروه فليس كل مباح يجوز إستخدامه ومما أعجب منه أن هناك الكثير من المسلمين لا يأكلون إلا اللحم الحلال وبنفس الوقت يشربون الدخان بل يحششون على النرجيلة وكأن اللحم الغير حلال مضر أكثر من الدخان بل هناك دراسات تقول أن مضار التدخين أكثر من مضار الخمر على المدى البعيد والله سبحانه أعلم.
لذلك يجب علينا جميعاً أن نعي خطورة هذا الشيء وأن نعلم أن التدخين عادة سيئة وليست من أخلاقنا وما هي إلا موضة قاتلة  فكل التقارير التي صدرت مؤخراً عن نسبة المدخنين في العالم العربي والإسلامي كانت كارثية، ويكفي أن نعلم بأن الغرب الذي صدر إلينا هذه الأفات قد خفض عدد المدخنين ويضع سياسات لتقليل عدد المدخنين كمنع التدخين في الأماكن العامة والمغلقة ورفع سعر السجائر ففي فرنسا مثلاً يبلغ متوسط سعر علبة السجائر ١٠ دولارات ، على عكس الدول الإسلامية وبخاصة العربية والتي زاد فيها عدد المدخنين بنسب خيالية.

المزيد حول الموضوع

الربح من الفايسبوك والانستغرام باختصاار الروابط