الاستنساخ و التعديل الوراتي بين الرفض و القبول



الاستنساخ و التعديل الوراتي بين الرفض و القبول

مقدمة:
-
لم تحظ قضية علمية - خلال النصف القرن الاخير باهتمام بالغ من قبل المؤسسات العلمية والطبية والسياسية والقانونية والاجتماعية والدينية وفى مختلف انحاء العالم بمثل ما حظيت به قضية الاستنساخ وما اثارته من ضجة ما زال صداها مسموعا من خلا لمختلف وسائل الاعلام وما اثارتة من تسالات حول مصير الانسان ومستقبل البشرية.
فقد تطورت الهندسة الوراثية تطورا مخيفا فقد ياتى يوم لا يبدو انه بعيدا نرى امامنا انسان ولد من غير اب ولم يحدث هذا فى التاريخ سوى مرتين .. ابونا آدم عليه السلام خلقه الله من الطين وصوره فى ابدع صوره ثم نفخ فيه من روحه ليصبح اول انسان بلا اب ولا ام وكذلك المسيح بن مريم ولاته امه العدراء البتول من غير اب وعلى غير مثال سبق فهل تتكرار هاتان المعجزيتان الالهيتان باذن الله مرة اخرى على يد الانسان وفى نقل الاعضاء وانه تقد معلمى مذهل قد يفيد فى علاج امراض الانسان وفى نقل الاعضاء
فموضوع الاستنساخ و التعديل الوراثي عدة إشكاليات دلت طبيعة فقهية و حقوقية و صحية و بيئية ينتج عنها تعدد في المواقف بين الرفض و القبول.فما هو الاستنساخ و التعديل الوراثي؟و ما مجالات تطبيقهما الحالية و المستقبلية؟وما حكم الإسلام منهما؟
__
الإستنساخ وحكمه فى الإسلام:
__
من منظور علمى أولا ثم بعد ذلك على الإسلام حتى يتبين حكم الإسلام فيه :
-
ماهو الإستنساخ هو إيجاد نسخه طبق الأصل عن شئ ما من الكائنات الحيه نباتا أو حيوانا أو إنسانا .الإستنساخ الإنسانى هو إيجاد نسخه طبق الأصل عن الإنسان نفسه ويتم بأخذ خليه جسديه من جسم ذلك الإنسان ثم أخذ نواه هذه الخليه وزرعها فى بويضه امرأه بعد إفراغ هذه البويضه من نواتها بعمليه تشبه التلقيح أو الإخصاب الصناعى يتم بموجبها إدخال نواه الخليه التى أخذت من جسد ذلك الشخص داخل البويضه المأخوذه من المرأه بواسطه مواد كيماويه خاصه وتيار كهربائى معين لكى يتم دمج نواه الخليه مع البويضه وبعد إتمام عمليه الدمج تنقل البويضه التى دمجت بنواه الخليه إلى رحم إمرأه لتأخذ بالتكاثر والنمو والإنقسام والتحول إلى جنين كامل ثم يولد ولاده طبيعيه فيكون نسخه طبق الأصل عن الشخص الذى أخذت منه الخليه التى زرعت نواتها فى بويضه المرأه .
_
ما الفرق بين عمليه التلاقح الطبيعى والإستنساخ:
التلاقح الطبيعى : فيه يلتقى الحيوان المنوى من الرجل الذى يحوى 23 كروموسوما مع بويضه المرأه التى تحوى 23 كروموسوما أيضا وعند التلاقح بين الحيوان المنوى والبويضه يصير فيها 46 كروموسوما نصفها من الرجل ونصفها من المرأه فيأخذ الولد من صفات الرجل ومن صفات المرأه
ولاتتم عمليه التلاقح الطبيعى إلا بوجود ذكر وأنثى وبالخلايا الجنسيه.
أما الإستنساخ : فالخليه التى تؤخذ من جسم الشخص تكون فيها 46 كروموسوما أى جميع الصفات الوراثيه للشخص وبذلك يأخذ الولد الناتج من عمليه الإستنساخ صفات هذا الشخص الذى أخذت نواه خليته وحده ويكون هذا الولد نسخه طبق الأصل عنه مثل أى عمليه استنساخ أيه ورقه على أجهزه التصوير الفورى مع الألوان فتكون صوره طبق الأصل دون أى إختلاف وعمليه الإستنساخ يمكن أن تتم بوجود ذكر أو بدون وجود ذكر وتتم بالخلايا الجسديه لاالجنسيه وذلك بأن تؤخذ خليه جسديه من أنثى فى حال عدم وجود ذكر ثم تنزع نواتها منها والتى تحتوى على 46 كروموسوماأى تحوى جميع الصفات الوراثيه ثم تزرع هذه النواه فى بويضه أنثى بعد أن تفرغ هذه البويضه من نواتها ثم تنقل هذه البويضه إلى رحم أنثى بعد أن تتم عمليه دمج نواه الخليه بالبويضه المفرغه من نواتها وبزرع هذه البويضه فى رحم أنثى تبدأ بالتكاثر وتنقسم وتنمو وتتحول إلى جنين ثم إلى جنين كامل ثم تولد وتكون صوره طبق الأصل عن الأنثى التى أخذت منها الخليه وبذلك تكون عمليه الإستنساخ فى هذه الحاله قد تمت فى جميع مراحلها دون وجود ذكر .
_
نوعآخر من الإستنساخ هو الإستنساخ الجنينى : وهو إيجاد نسخه طبق الأصل من الجنين المتكون فى رحم الأم وبه يستطيع الإنسان أن يستنسخ عن أطفاله أثناء المرحله الجنينيه ففى بدايه تكون الجنين فى رحم الأم يستطيع الطب أن يقسم هذا الجنين إلى خليتين ثم إلى أكثر من ذلك وبالتالى إنتاج أكثر من خليه جنينيه متطابقه مع الجنين فتولد التوائم المكونه من هذا الإستنساخ الجنينى ومتطابقه تطابقا كليا مع الجنين الذى نسخت عنه .
ولقد حصل الإستنساخ فى النباتات ومؤخرا فى الحيوان لكنه لم يحصل بعد فى الإنسان وبالنسبه للنباتات والحيوان هو جائز شرعا وهو لتحسين نوعيه النباتات والحيوانات وزياده إلإنتاج فيهما ولإيجاد علاج طبيعى لكثير من الأمراض الإنسانيه وخاصه المستعصيه منها بدلا من العقاقير الكيميائيه التى لها مردود مؤذ على صحه الإنسان ولكن أن حصل بالنسبه للإنسان فسيكون بلاءا على البشريه ومصدر شر كبير.
_
والإستنساخ حرام شرعا للأسباب التاليه :
1-
لأن إنتاج الأولاد فيه يكون عن غير الطريق الطبيعى التى فطر الله الناس عليها وجعلها سنه فى إنتاج الأولاد والذريه قال تعالى ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفه إذا تمنى ) وقال تعالى ( ألم يك نطفه من منى يمنى ثم كان علقه فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى).
2-
عدم وجود آباء للأولاد المستنسخين من إناث دون أن يكون معهن ذكور وعدم وجود أمهات لهم عندما توضع البويضه المندمجه مع نواه الخليه فى رحم أنثى غير الأنثى التى أخذت البويضه منهاإذ تكون هذه الأنثى التى وضعت البويضه فى رحمها مجرد وعاء للبويضه ليس أكثر وفى هذا إضاعه للإنسان فلا أب ولاأم وهو مناقض لقوله تعالى ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) وقوله سبحانه ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله).
3-
ضياع الأنساب فى حين أن الإسلام أوجب حفظ الأنساب فعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( منانتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنه الله والملائكه والناس أجمعين ) رواه ابن ماجه. وعن أبى هريره رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين أنزلت آيه الملاعنه (أيما امرأه أدخلت على قوم نسبا ليس منهم فليست من الله فى شئ ولن يدخلها الله الجنه وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأوليين والآخريين ) رواه الدارمى .
فالإستنساخ لإيجاد الأشخاص المتفوقين ذكاءا وقوه وصحه وجمالا يقتضى اختيار من تتوفر فيهم هذه الصفات من الذكور أو الإناث بغض النظر عن كونهم أزواجا أو غير أزواج وعن كونهم متزوجين أو غير متزوجين وبذلك تؤخذ الخلايا من الذكور الذين تتوفر فيهم الصفات المطلوبه وتؤخذ البويضات من نساء مختارات تتوفر فيهن الصفات المطلوبه فتضيع الأنساب وتختلط .
4-
إن إنتاج الأولاد بعمليه الإستنساخ يمنع تنفيذ الكثير من الأحكام الشرعيه كأحكام الزواج والنسب والنفقات والأبوه والبنوه والميراث والحضانه والمحارم والعصبات وغيرها من الأحكام الشرعيه وتخالف الفطره التى فطر الله الناس عليها فى
الإنجاب وهى بذلك تقلب كيان المجتمع .
1-
التعديل الوراثي:
التعديل الوراثي أو الهندسه الوراثيه أو التقنيه الحيويه والأغذيه المعدله وراثياً .
فالأغذيه المعدله وراثياً هي كما عرفَّها العلماء بأنها جميع المنتجات النباتيه والحيوانيه التي تم تعديل موروثاتها بواسطة الإنسان . وإن خالق جميع الكائنات الحيه سبحانه وتعالى وضع تركيبها العضوي الدقيق بخاصيه يتفرد بها عن أي كائن حي لآخر , وأي تعديل لهذه الموروثات سيؤدي إلى إختلاف في في تكوين الكائن الحي وبالتالي تعديل خصائصه الأساسيه .
وقال عزَّ وجل : ( سبح اسم ربك الأعلى ,الذي خلق فسوى ,والذي قدَّر فهدى ) . ويجب أن نعرف أن هناك نوعين من نقل الموروثات أحدهم طبيعي ويتم بتهجين نوع يحمل صفات مرغوبه إلى نوع آخر وطبيعياً وآخر يتم بواسطة حمض الـ Dna . والموضوع كبير ولكن دعوني أتناوله شيئاً فشيئا .
ـ لماذا تتم عملية التعديلالوراثي ؟ :
*
يتوقع العلماء أن يصل سكان الكره الأرضيه إلى 14.2 مليار نسمه بحلول عام 2025موعليه وتلافياً للفجوه الغذائيه نتيجة لزيادة السكان إهتم العلماء بإلحاح إلى طرق زيادة الإنتاج الغذائي كماً , فكانت التقنيه الحيويه ضروريه حسب إعتقادهم .
*
العمل على إنتاج محاصيل زراعيه وحيوانيه معدله وراثياً تكون قادره على مقاومة الأمراض , والآفات والمبيدات وغيره .
*
حقن النباتات بـحمض نووي Dna من مصدر حيواني لتلقيح النباتات .
*
إنتاج أغذيه ذات مواصفات مرغوبه لدى المستهلك مثل إنتاج فواكه خاليه من البذور كالعنب البناتي وغيره أو إنتاج فواكه وخُضر بألوان مختلفه كالتفاح الأحمر والأصفر والسكري والفلفل البرتقالي والأصفر .
*
نقل بعض الموروثات من البكتريا والفيروسات وغيره إلى النبات والحيوان لأهداف علميه .
*
تسخير التقنيه الحيويه من أجل تحوير بعض المحاصيل المعروفه كالكانولا وفول الصويا والطماطم والبطاطس والقطن وغيرها لإنتاج العقاقير الطبيه .
*
تعديل موروثات بعض سلالات البكتيربا والفطريات من أجل مكافحة بعض الحشرات الضاره بغرض القضاء عليها لأنها أكتسبت مناعه من المبيدات الكيماويه .
ـ فوائد التعديل الوراثي:
كما ذكرت أن فوائده تعتمد على إنتاج سلالات ذات فوائد غذائية أكبر أو تحويل الخصائص الجينية لبعض النباتات مثل إنتاج البطيخ بدون بذر .
كما يزيد من مقاومة النبات للحشرات.فمثلا نبتة القطن تتم مهاجمتها من قبل حشرة تدعى دودة القطن التي قد تهلك محصول كامل من القطن
فتم تطوير نوعية محسنة من نبتة القطن تحتوي على مضادات لهذه الحشرة الأمر الذي يضمن عدم مهاجمة هذه الحشرة للقطن و بالتالي سلامة محصول القطن .
ـ أضرارالتعديل الوراثي:
يقول الخبراء أن أضرار هذه النباتات المعدلة وراثيا لا تظهر على الفرد مباشرة بعد أكلها بل تتأخر أعراضها إلى فترات طويلة نسبيا قد تمتد إلى سنوات .
و لا تزال الكثير من أضرار هذه النباتات محل جدل بين المنتجين و الوكالات الصحية .و لم تثبت دراسة صحية أكيدة حتى الآن أن هذه النباتات لها ضرر واضح على الإنسان . الأمر الذي جعل المنتجين يزيدون من إنتاجها دون إجراء اختبارات الأمان الكافية لمعرفة هل هي مناسبة للإستحدام الآدمي أو لا .
مما جعل الصراع على أشده بين الوكالات الصحية و منتجي هذه الأصناف .و قد تم التوصل أخيرا إلى اتفاق بين هذه الوكالات و المنتجين سيتم تطبيقه بعد فترة قصيرة يقضي بوجوب كتابة عبارة :يحتوي على مواد معدلة وراثيا أو عبارة:لا يحتوي على المواد المعدلة وراثيا .
و بهذا يكون الخيار للمشتري في شراء منتجات تحتوي على مواد معدلة وراثيا غير مأمونة من الناحية الصحية أو بقائه على المنتجات الزراعية العادية.
الإخوة الكرام دعونا نتناول الأضرار التي يجب وضعها في الاعتبار حول الأطعمه المعدله وراثياً :
_
الأضرار البيئيه :
تناول العلماء أضرار كثيرة قد تنجم من تقنية التعديل الوراثي منها نشوء طفرات جديده لا يكن في مقدور المهندسين الوراثيين التحكم بها مثل ما حدث في سيادة بعض الحشرات الضاره على الحشرات النافعه . وظهور نباتات تمتلك صفات غير مرغوبه كثيره مثل التقزم وعدم عقد الثمار في بعضها .
صحة الإنسان والحيوان :
الأطعمه الطبيعيه خلقها الله وهو أعلم بمكنوناتها وخلقها بمقدار , بحيث هناك ماده موجودهفي الغذاء قد لا تكون مرغوبه في التسويق ولكن الله جعلها بهذا الغذاء لدرء خطر يغيب عن معرفتنا . فالله جعل في أحد جناحي الذبابه الدواء للداء التي تحمله , فهب أننا تدخلنا وراثياًوأثر تدخلنا على أن تفقد هذه الذبابه هذه الصفه ؟ وما حدث من فيروس الآيدز ليس ببعيد وهو فيروس ناتج من طفره معمليه .
ـ الغموض الذي يكتنف هذا العلم :
إلى الآن هناك فريقان أحدهم مؤيد والثاني معارض , وإلى الآن لم توجد أجهزه تمكننا من معرفة إن كان هذا الغذاء معدل وراثياً أم لا , وإلى الآن لم تظهر أبحاث تورد الأضرار الناتجه يعني التجارب حديثه وأخطارها لم تعد مرصوده . وحتى الطرق المستخدمه في التعديل الوراثي لم تكنمعروفه للجميه , زد على ذلك لم توجد علامات تميز الفروق بين الأطعمه والنباتات المعدله وغيرها.
ـ القوانين التي تحمي المستهلك:
اللوائح والقوانين التي تحمي المواطن لم تكن مكتمله بسبب عدم وجود بيانات معمليه دقيقه توضح الخطر , ويتوقع أن تُستخدم الأطعمه والأغذيه كسلاح في السنوات القادمه , وكما إتضح ذلك جلياً في دول غربيه كبيره , وما نُشر أخيراً حول بعض التجارب على المساجين في بعض الدول لمعرفة أثر هذه الأطعمه على الإنسان .
_
كيف بدأت عمليات الاستنساخ:
يعود تاريخ بدء هذه العمليات إلى خمسينيات القرن الماضي حيث تم استنساخ أول كائن حي وهي صغار الضفادع.
أما أول حيوان لبون تم استنساخه فهي النعجة الشهيرة دولي و التي أحدثت ثورة في عالم الاستنساخ و تم ذلك بأخذ خلية من ثدي نعجة و جمعها ببويضة منزوعة النواة من نعجة أخرى و كان الناتج هي دولي التي هي نسخة طبق الأصل عن النعجة الأولى.
و توالت التجارب و الأبحاث في هذا المجال لاستنساخ عدة أنواع من الحيوانات حيث نجحت هذه التجارب في استنساخ حيوانات مثل القطط و الفئران و بعض أنواع الخنازير و كذلك الخرفان و الأرانب لكن لم يثبت نجاح الاستنساخ مع حيوانات أخرى مثل الكلاب و القرود و الخيول و الدجاج.
و هذه التجارب لم تنتقل بعد إلى الإنسان و ذلك بسبب القيود التي فرضتها الحكومات على هذه الأبحاث و لم يثبت لحد الآن ما يدل على نجاح هذه الأبحاث على الجنس البشري حتى ما تم نشره بخصوص نجاح إحدى المؤسسات في إنتاج جنين بشري لم تثبت صحته و لم تعطى كل تفاصيل الأمر حيث يعتبر من ناحية علمية مشكوكا في صحته.
_-
هل يعتبر هذا العمل تحديا للقدرة الإلهية ، وهل أصبح الإنسان خالقا ؟
-
فتصور ما قام به هؤلاء العلماء أنه خلق هو تصور وهمي بعيد جدا عن الحقيقة . وهو تصور يبنى عن سذاجة من توهمه فالاستنساخ ليس خلقا جديدا ، والعالم الاسكتلندي لم يخلق خلية ولا نواة ولا كروموسوما ( صبغيا ) واحدا . ولكنه وفريقه ، عرفوا كيف يدخلون على الخلية عوامل من خلق الله وصنعه ، فقد درسوا قوانين الخلق الإلهي ووعوها ، وقاموا بتطبيق ما علموا على ما عملوا . وما عملية الاستنساخ إلا صورة فوتوغرافية للأصل . فهل نستطيع الحصول على هذه الصورة بدون الأصل ؟
قال تعالى : { أم جعلوا لله شرعا خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار } الرعد 16 .
وسؤال آخر ورد على ذهن كثير من الناس هو : " هل يمكن استنساخ الموتى ؟ وراحت خيالات الكتاب تسرح وتمرح ، فمن قائل باستنساخ هتلر وأنشتاين والمتنبي ومارلين موزو وغيرهم من الرجال والنساء ، إلى من قائل باستنساخ فراعنة حصر من المومياء !
والحقيقة أنه لا بد في الاستنساخ من وجود خلية حية يمكن من خلالها إجراء عملية الاستنساخ .
ورغم عدم الإعلان حتى الآن عن تجارب على استنساخ البشر ، إلا أن هناك من يقول بأن تلك التجارب قد بدأت بالفعل ، إحداهما في أمريكا والثانية في بريطانيا ، وذلك تحت سرية تامة .
-
ما هي ردود الفعل العالمية تجاه الاستنساخ ؟
ما أن تم الإعلان عن بلوغ " دولي " شهرها السابع وانتشرت صورها في أرجاء العالم حتى أصدر البرلمان النرويجي قرارا يمنع منعا باتا إجراء التجارب أو القيام باستنساخ الإنسان .
ودعا رئيس الجمهورية الفرنسية في نفس اليوم المجلس الاستشاري القومي للأخلاق إلى دراسة القانون الفرنسي ليطمئن على سلامته من وجود ثغرات يمكن للباحثين الفرنسيين أن يقوموا في يوم من الأيام بالاستنساخ البشري . وتباينت الآراء من الاستنساخ البشري إلى ثلاثة موافق:
الأول يشجعه ، وهو موقف المتخصصين في علاج العقم .
والثاني يعارضه ، وهو الموقف الذي اتخذته حكومات إنجلترا وألمانيا وفرنسا .
والثالث يرى عدم التسرع في الرفض أو القبول ، بل تحديد فترة مؤقتة توقف فيها الأبحاث حتى تستكمل دراسة النواحي الاجتماعية والأخلاقية للاستنساخ . وبعدها يقرر استئنافه أو توقيفه . وهو موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي دعت إلى إيقاف تمويل الأبحاث المستخدمة في الاستنساخ البشري لمدة خمس سنوات . وستحدد هذه المواقف الثلاثة الفترة الزمنية التي ستمر قبل أن يصبح الاستنساخ البشري حقيقة.
-
ما هي مخاطر الاستنساخ البشري ؟
إذا قدر للاستنساخ البشري أن يظهر للوجود ، وهو أمر محتمل جدا ، وربما في وقت قريب ، فإن ذلك سيترافق بمشاكل عديدة اجتماعية وإنسانية ونفسية . فسيكون هناك اضطراب في الأنساب ، وما يتبعه من اضطراب في المجتمع ، وقد يضطرب أعداد الذكور أو الإناث ، فتخيلوا مثلا أن المستنسخين كلهم كانوا جميعا من الذكور ، فماذا سيحدث ؟ ولن يكون هناك مفهوم الفرد بذاته ، بل ستميع ذاتية الفرد ، وتختل المواريث ، ويتزلزل كيان الأسرة . وقد يلجأ في الاستنساخ إلى طرق إجرامية كاستنساخ شخص بدون إذنه ، أو بيع أجنة مستنسخة ، أو الحصول على نسخ متماثلة من أشد المجرمين عنوة ووحشية ، أو اختيار سلالة متميزة تعتبر هي الجنس الأرقى ، وسلالة أخرى من العبيد ، وهكذا ..
1-
الموقف الشرعي من الاستنساخ البشري :
لما كثرت التساؤلات عن حكم الشرع في الاستنساخ البشري ، ولما كان من الصعب جدا على فقيه واحد أن يدلي برأيه في مسألة مستحدثة ومعقدة كالاستنساخ ، فقد دعت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية إلى عقد ندوة تضم فريقا من الفقهاء الأجلاء ، والأطباء المتخصصين لدراسة أمر الاستنساخ البشري .
وقد عقدت الندوة في الدار البيضاء في المملكة المغربية ما بين 14 - 17 يونيو ( حزيران ) 1997 ، ودرست الموضوع دراسة جدية وعميقة ، وصدر في ختامها التوصيات التالية :
"
أولا : تجريم كل الحالات التي يقحم فيها طرف ثالث على العلاقة الزوجية سواء أكان رحما أم بويضة أم حيوانا منويا أم خلية جسدية للاستنساخ .
ثانيا : منع الاستنساخ البشري العادي ، فإن ظهرت مستقبلا حالات استثنائية عرضت لبيان حكمها الشرعي من جهة الجواز .
ثالثا : مناشدة الحكومات من التشريعات القانونية اللازمة لغلق الأبواب المباشرة وغير المباشرة أمام الجهات الأجنبية والمؤسسات البحثية والخبراء الأجانب للحيلولة دون اتخاذ البلاد الإسلامية ميدانا لتجارب الاستنساخ البشري والترويج لها .
رابعا : متابعة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وغيرها لموضوع الاستنساخ ومستجداته العلمية وضبط مصطلحاته ، وعقد الندوات واللقاءات اللازمة لبيان الأحكام الشرعية المتعلقة به .
خامسا : الدعوة إلى تشكيل لجان متخصصة في مجال الأخلاقيات الحياتية لاعتماد بروتوكولات الأبحاث في الدول الإسلامية إعداد وثيقة عن حقوق الجنين .
2-
حكم الدين:
وقد أثار موضوع احتمالات استنساخ البشر ردود فعل واسع حول حكم الدين فى مثل هذا الاسلوب العلمى والطبى لانتاج الامثله :
يقول الدكتور/نصر فريد واصل مفتى الجمهورية: ان الاجماع قائم على ان الاستنساخ البشرى غير جائز من الناحية العلمية والطبية والانسانية ، بل ومن الناحيه الاخلاقية والاجتماعية واكد ان الاسلام مع العلم الذى يخدم البشرية ، وقد كرم الله تعالى العلم والعلماء وجعل العلماء الذين البشرية فى مرتبه الملائكه ، فلعلم خلق لمصلحه البشرية وللأنسان لأن الله سبحانه وتعالى اراد للأنسان ان يكون مستخلف فى هذه الارض. وقال فضيلة المفتى: ان العلم يجب ان يقوم على امور ثلاثة ، هى: الايمان والاخلاق وخدمة البشرية ، وان يحافظ على الدين والنفس والنسل والعقل والمال لان الاختلال فى احد من هذه الضروريات فساد للبشرية التى خلقها الله تعالى. واكد ان الاستنساخ البشرى غير جائز شرعا ولكن يمكن ان يتوجه هذا العلم الى استنساخ ادى اعضاء الجسم مثل الكبد والكلى لحاجة بعض الافراد اليها وإنقاذ حياتهم من الهلاك؟ أما إستنساخ الانسان الكامل فهذا مخالف للشرع ولسنا فى حاجة اليه. ويقول د. عبدالمعطى بيومى - أستاذ العقيده بكلية اصول الدين بجامعة الازهر الشريف ان القاعده الشرعية تقول : ان مازاد ضرره على نفعه فهو حرام وقد تأكدت الان اضرار الهندسة الوراثية أكثر من نفعها وكذلا الاستنساخ ، وأضاف أن السنن الكونيه التى لفت الله تعالى النظر اليها تقتضى وجود قوانين عامه ثابتة كالصحة والمرض والمسئولية والجزاء والحرية وإنعدامها . وواضح ان العلم المجرد من الدين والمعوزل عنه إذا تركناه يمضى فى ذلك العبث المجنون المنفلت من معايره الدين سيعرض الأنسانية لكثير من الاخطاء والاخطار والضلال.. ومن هنا فإننى اطالب بضرورة وقف هذه الابحاث لانها ستؤدى الى محظورات شرعية وعقائدية وأخلاقية أكثر مما تفيد الانسانية.
-
تطورات الهندسة الوراثية خلال نصف القرن:
بدأت تكنولوجيا الاخصاب ببطء وقام العلماء الاجنه والجينات بنقلها من الحيوان الى الانسان. وكان التقدم فى هذا المجال ثابتا سواء فى العلم أو الخيال العلمى .. وتطورت الهندسة الوراثية بين عامى 1950 الى عام 1997 حتى وصلنا الى الاستنساخ.. كما يلى:
1-
فى عام 1950 كانت أول محاولة ناجحه لتجميد خلايا بقرة عند درجة 79 تحت الصفر لنقلها لبقرة أخرى.
2-
وفى عام 1952: كانت أول محاولة لنسخ ضفدعة على يد روبرت برجيس وتوماس كنج.
3-
وفى عام 1963: قام جون جاردن أيضا باستنساخ ضفادع.
4-
وفى عام 1978 : ظهر فيلم "أولاد البرازيل" الذى يحكى قصة استنساخ بعض الاشخاص من خلايا "هتلر".
5-
وفى عام 1978 أيضا: كان ميلاد "لويس" أول طفل بالتلقيح الصناعى من بويضة مخصبة للأيوين باتريك ستيبو وجى ادوار من انجلترا.
6- وفى نفس العام كذلك صدر كتاب للخيال العلمى للكاتب "ديفيد روفريك" حول تخيلاتة عن استنساخ البشر.
7-
وفى عام 1983: أول أم ترعى جنين لأم أخرى بالتلقيح الصناعى.
8-
وفى 1985 : قام العالم رالف برستر بتصنيع خنازير فى المعمل تنتج هرمونات النمو البشرى .
9-
وفى عام 1986: حملت السيدة "مارى بث" جنينا بالتلقيح الصناعى حتى ولادتة وفشلت فى الاحتفاظ به.
10-
وفى عام 1993: ظهرت عدة افلام للخيال العلمى عن استنساخ البشر مثل الديناصور.
11-
وفى عام 1994 - 1996 : قامت شركة مارفيل للأفلام الكوميدية بصنع فيلم بطل ادعى "ساجا".
12-
وفى عام 1996 : انتج فيلم عن استنساخ الممثل "مايكل كاترون" ليظهر فى عدة اشخاص.
13-
وفى عام 1997: اعلن "كامبل ويلموت" مولد النعجة دوللى التى استنسخت من خلايا وليست اجنه.
الاستنساخ ليس خلقا جديدا:
الاستنساخ عمل علميّ .. يعتمد أساسا على خلايا و موروثات: خلقها الله سبحانه و تعالى تتمّ معالجتها بطريقة انتقائية ، مع بويضة خلقها الله بقدرته و خصّ بها النساء .. و قد ينتج عن معالجة الخلايا مع البويضة جنين.
و لا يتصل هذا العمل العلميّ بالخلق : الذي هو الإيجاد من العدم، و إنما هو معالجة لمخلوق.
و بذلك يمكن القول أنّ الاستنساخ هو استعمال لمواد خلقها الله سبحانه و تعالى بوجه مخالف لما شرعه الله من اتخاذ التزاوج بين الذكر و الأنثى طريقةً للتناسل البشريّ ..ممّا ينشأ عنه نتائج وخيمة على المجتمع.
مجلة" إشراقة" : العدد الثاني و العشرون ، الصفحة الحادية و الاربعون.
ربيع أول 1424-أيار 2003: السنة الثانية.
وإنّ تصوّر الاستنساخ بأنه خلق جديد : تصوّر وهميّ بعيد جدّا عن الحقيقة و في مسألة النعجة دولي ، فإنّ العالم الاسكتلندي و فريقه لم يخلقوا خلية و لا نواة ... و إنما عرفوا كيف يُدخلوا عوامل على الخلية : بحيث درسوا قوانين الخلق الالهيّ ، و قاموا بتطبيق ما علموا على هذه الصورة ( فما هي إلّا صورة فوتوغرافية للأصل ).
قال الله تبارك و تعالى : ﴿ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء و هو الواحد القهار﴾ الرعد :16.
-
حكم الإستنساخ من الناحيةالشرعية في غير الإنسان :
الإستنساخ من النّاحية العلميّة النظريّة و التطبيقيّة لا نجد له معارضا شرعيّا في أيّ نصّ من نصوص الشريعة الإسلاميّة ما دام ذلك يتعلّق بمصلحة الإنسان ذاته أو بمصلحة غيره ، و بما يحقّق المصلحة العامّة و الخاصّة لكلّ البشر ، و بما لا يغيّر من خلق الله سبحانه و تعالى في منهج سير الحياة طبقا للنواميس الطبيعيّة التي أرادها الله سبحانه لتحقيق الخير للبشرية جمعاء..
و لاستمرار الخلافة البشرية في عمارة هذا الكون إلى أن يشاء الله ؛ و ذلك لأنّ كلّ ما في هذا الكون المخلوق إنّما هو مسخّر لخدمة الإنسان.
وقد خلقه الله تعالى لهذا الغرض ، و يدلّ على ذلك قول الله تبارك و تعالى : ﴿ و سخّر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعا منه ﴾الجاثية: 13.
و آيات كثيرة تتحدث عن تسخير هذا الكون للإنسان .
و ما دام الإنسان يعمل فيما استُخلف فيه في حدود هذا الاستخلاف الشرعيّ ، و يتصرّف فيما ملك فيه في حدود هذا الإذن الذي ورد في قوله تعالى :
﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا منه ﴾سورة البقرة : 29.
فإنّ عمله مشروع و تصرّفه صحيح بشرط أن يحافظ على الأمانة التي كُلّف بحملها .
و على ذلك ، فلا قيد على حريّة العلماء و الباحثين في مجال الهندسة الوراثية و الاستنساخ في النبات و الحيوان بما فيه مصلحة البشرية ، و بما لا يؤثر بالسلب على التوازن المنشود الذي خلقه الله تعالى ، و أراد للحياة به أن تستقيم بمنهج سليم ليحيا عليها ، و يعيش كلّ خلق الله أجمعين و برحمته و عطفه آمنين.
و في جميع الأحوال لا بدّ أن تُراعى قواعد الرأفة و الرحمة بالحيوان ، و قواعد الحكمة في هذه التجارِب لصالح البشريّة .
الاستنساخ البشريّ وأحكامه الطبيّة و العمليّة في الشريعة الإسلاميّة : د. نصر فريد..ص 8-10.
لقد خلق الله تعالى الانسان في أحسن تقويم، و كرّمه غاية التكريم ..زيّنه بالعقل ، و شرّفه بالتكليف ، و جعله خليفة في الأرض ..
علّمه ما لم يكن يعلم ، و أمره بالبحث و النظر ..
و الإسلام لا يضع قيدا على البحث العلمي ..و لكنّ الإسلام كذلك لا يترك الباب مفتوحا بدون ضوابط أمام دخول تطبيقات نتائج البحث العلمي على الساحة العامة بغير أن تمرّ على مصفاة الشريعة : فتمرّر المباح ، و تحجز الحرام.
فلا يسمح بتطبيق شيء لمجرد أنه قابل للتنفيذ : بل لا بد أن يكون علما نافعا جالبا لمصالح العباد ، دارئا لمفاسدهم ، و لا بد أن يحفظ هذا العلم كرامة الإنسان ، و مكانته و الغاية التي خلقه الله من أجلها ..فلا يُتَّخذ مجالا للتجريب ، و لا يعتدي على ذاتية الفرد و تميّزه .
خاتمة :
لا شك بأن للمنتجات المحورة وراثياو المستنسخة محاسن ومساوئ , فوائد وآثار قد تكون سلبيـة وهذه حال كل منتوج جديد في شتىمجالات الاقتصاد والتطور البشري : الزراعة, الصيدلة ، المحافظة على البيئةالإنسانية لا تملك إلى حد الآن الرؤية العلمية اللازمة لإصدار أي حكمنهائي على المنتجات المحورةوراثيا و المستنسخة .أكبر خطر للمنتجات المحورةوراثيا و المستنسخة يخص البلدان النامية والفقيرة بحيث يمكن للشركات العالمية الكبرى أنتغريها في أول الأمر بهذه المنتجات لتفرض عليها هيمنتها فيما بعد.والأمر الذي من طرف بلدنا هو إرساء قوانين صارمة و واضحة المعالم في مجالالتحوير الوراثي و الاستنساخ كما هو الشأن في البلدان المتقدمة ووضع برامج بحوث في هذاالمجال لتطوير ما يمكن منتجات محورة تخدم مصالحنا الاقتصادية والبيئية.
و السلام عليكم.

المزيد حول الموضوع

الربح من الفايسبوك والانستغرام باختصاار الروابط