سورة يوسف
هذه
السورة هي أسلوب فذّ فريد في ألفاظها
وتعبيرها و أدائها وفي قصها الممتع اللطيف تسري مع النفس سريان الدم في العروق وقد
جاءت طرية ندية في سياق ممتع لطيف يحمل جو الأنس والرحمة والرأفة والحنان .
1- ابتدأت السورة بتعظيم القرآن الكريم
وبيّنت أن آياته عربية ليعقل الناس أن
مُنزله إله قدير وعظيم ، قال تعالى : (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
{1} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {2})
2- انتقلت
الآيات بعدها لتبدأ الحديث عن قصة يوسف عليه السلام ورؤياه التي رآها وقصها
على أبيه يعقوب ، ثم انتقلت للحديث عن محنته الأولى عليه السلام وهي : تآمر
إخوته عليه وكيدهم به بإلقائه في الجب ليلتقطه بعض السيارة ، من قوله تعالى :
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا
الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ {3}) إلى قوله تعالى :
( ... وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ {19})
3- المحنة الثانية في حياته عليه السلام هي : محنة
الاسترقاق حيث باعوه بثمن قليل ،
وأقام بمصر في بيت عزيزها وأعطاه الله الحكمة والفقه في الدين وتأويل الأحاديث ،
وتذكر الآيات محنـته في تعرضه لأنواع الفتنة والإغراء من زوجة العزيز، وصموده أمام
تلك الفتنة حتى آثر السجن على عمل الفاحشة ، وكفى بذلك برهاناً على طهارته ، من قوله تعالى : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ {20}) إلى قوله تعالى
: (ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى
حِينٍ {35})
4- ذكرت الآيات قصته عليه السلام مع صاحبيّ السجن وتأويله لرؤياهما ومكوثه في
السجن بضع سنين ، من قوله تعالى : (وَدَخَلَ
مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً
.. {36} ) إلى قوله تعالى : (...فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ
فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ {42})
5- انتقلت الآيات لتذكر الرؤيا التي رآها ملك
مصر وتأويل يوسف عليه السلام لها وخروجه من السجن وإظهار براءته وتمكين الله تعالى
له في الأرض بتوليه حكم مصر ، من قوله تعالى : (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى
سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ... {43}) إلى قوله تعالى : (وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ
لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ {57})
6- تحدّثت الآيات التالية عن مجيء إخوة يوسف
إلى مصر ليشتروا الطعام نتيجة القحط ، وذكرت عدم معرفتهم ليوسف لما رأوه ، وتجهيزه
لهم وطلبه منهم أن يأتوا بأخيهم من أبيهم ، وكانت هذه زيارتهم الأولى لمصر ، من
قوله تعالى : (وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ
لَهُ مُنكِرُونَ {58}) إلى قوله تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ {67})
7- انتقلت الآيات للزيارة الثانية لإخوة يوسف
لمصر بعد إقناعهم لأبيهم بأخذ أخيهم
(بنيامين) ووصيته لهم ، ثمَّ ما
كان من شأن أخوهم حين ظهر الصّواع في رحله واحتجاز يوسف عليه السلام له .
وأخيراً ما كان من
تمام المحنة على يعقوب بفقده ولديه حتى ذهب الحزن ببصره ، من قوله تعالى :
(وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم
مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ.. {68}) إلى قوله تعالى : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ
يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
{84})
8- انتقلت الآيات لتتحدث عن إرسال يعقوب
لأبنائه لمصر ، ومعرفتهم لأخيهم يوسف وإرساله قميصه لأبيه وارتداد بصره عليه
السلام .
ثم تحدثت عن مجيء أسرة يعقوب بأسرِهِم إلى مصر ،
ودخولهم على يوسف وهو في عزّ السلطان ، وتحقيق الرؤيا بسجود إخوته الأحد عشر له مع
أبيه وأمه واجتماع الشمل بعد الفرقة ، من
قوله تعالى : (قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً
أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ {85})
إلى قوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي
الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ
يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
{111} ) . وختمت السورة بتوجيه الأنظار إلى عجائب الكون الدالة على الوحدانية وما
في قصص القرآن من عبر وعظات .